============================================================
فقال له عبد المطلب : لا طاقة لنا بحربه، والبيت بيت الله فإن منعه. فهو بيته، ثم جاء إليه فأكرمه وأجله، ونزل عن سريره وجلس معه على بساطه ثم قال له: ما حاجتك ؟ قال: أن ترد علي إبلي، فقال له: كنت أعجبتني ثم زهدت فيك، تكلمني في إبلك دون بيت هو دينك ودين آبائك ؟! فقال له : أما الإبل. فأنا ربها، وأما البيت.. فله رب يحميه، فرد إليه إبله، فرجع فأخبرهم فتحرزوا في شعف الجبال والشعاب، ثم أخذ عبد المطلب ومعه نفر من قريش بحلقة باب الكعبة ودعوا واستنصروا وفي رواية: آن رسول آبرهة لما دخل مكة ورأى وجه عبد المطلب.. خضع وتلجلج لسانه وخر مغشيا عليه، وخار كما يخور الثور عند ذبحه، فلما أفاق. خر ساجدا لعبد المطلب وقال : أشهد أنك سيد قريش حقا(1).
وروي أن عبد المطلب لما ذهب لأبرهة.. أحضر فيله الأبيض العظيم، فلما رأى عبد المطلب. خر ساجدا وقسال: السلام على النور السذي في ظهرك يا عبد المطلب (2).
تنبيه: مر آنفا أمران لا يخلوان عن إشكال، وهما النور الذي في جبهة عبد المطلب والذي في صلبه، وأن ذلك نور محمد صلى الله عليه وسلم مع أن الأشهر أن ولادته صلى الله عليه وسلم كانت بعد الفيل بخمسين يوما، فكل ذلك جرى وهو صلى الله عليه وسلم حمل قريب وضعه، وسبب إشكال هذين ما علم مما مر آن نوره صلى الله عليه وسلم كان ينتقل في أصلاب الاباء وأرحام الأمهات بحسب ترتيبهم في الوجود، فإذا وجد واحد.. انتقل إليه ما كان في الذي قبله... وهكذا، وقضية هذا المعلوم المستقر أن النور كله انتقل إلى آمنة ولم يبق منه شيء في عبد الله فضلا عن عبد المطلب، ويؤيد هذا ما مر في الكاهنة التي شاهدت ذلك النور في عبد الله فبذلت له مالأ عظيما ليتزوجها فينتقل النور إليها فتراخى في إجابتها، ثم ذهب فواقع آمنة فحملت فانتقل النور إليها، ثم جاء لتلك فأبت، فقال : لم ؟ فقالت : لأن النور الذي كنت أشاهده فيك انتقل لغيرك، فعلم انتقاله لأمنة، وقد يجاب عن ذلك بأن النور وإن (1) ذكر ذلك العلامة الحلبي في * السيرة الحلبية "(59/1) (2) ذكره في " السيرة الحلبية "(20/1)
Halaman 119