فَأَجَبْتُ سُؤَالَهُمْ بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ، مُشِيرًا بِ " فِيهَا "
ــ
[منح الجليل]
الْعَدَوِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الصَّغِيرِ جَوَازَهُ وَهِيَ فُسْحَةٌ.
(فَأَجَبْتُ) أَيْ بِالشُّرُوعِ فِي الْمُخْتَصَرِ إنْ كَانَتْ الْخُطْبَةُ سَابِقَةً عَلَيْهِ وَبِتَتْمِيمِهِ إنْ كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً عَنْهُ (سُؤَالَهُمْ) زَادَ لَفْظَ سُؤَالٍ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا، وَأَنَّهُ أَتَى بِهِ مُتَّصِفًا بِالصِّفَاتِ الثَّلَاثَةِ؛ الِاخْتِصَارِ، وَكَوْنِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَمُبَيِّنًا لِمَا بِهِ الْفَتْوَى.
(بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ) صِلَةُ أَجَبْت أَيْ طَلَبَ مَا هُوَ خَيْرٌ بِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ فِي وَقْتٍ يَحِلُّ النَّفَلُ فِيهِ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ بِ: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [القصص: ٦٨]، وَالْكَافِرُونَ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى، وَبِ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٣٦]، وَالْإِخْلَاصِ كَذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ. وَالدُّعَاءُ بَعْدَ السَّلَامِ «بِاللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّك تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ: عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ وَأَرْضِنِي بِهِ فَإِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» .
وَيُقَدِّمُ عَلَيْهِ الِاسْتِغْفَارَ وَحَمْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَيَمْضِي لِمَا يَنْشَرِحُ صَدْرُهُ إلَيْهِ مِنْ فِعْلٍ، أَوْ تَرْكٍ، وَإِنْ لَمْ يَنْشَرِحْ لِشَيْءٍ مِنْهُمَا فَلْيُكَرِّرْهَا إلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ وَيَنْوِي مَا يَسْتَخِيرُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ " هَذَا الْأَمْرَ " وَإِنْ شَاءَ صَرَّحَ بِهِ عَقِبَهُ هَذِهِ كَيْفِيَّةُ الِاسْتِخَارَةِ الَّتِي كَانَ الرَّسُولُ ﷺ يُعَلِّمُهَا لِأَصْحَابِهِ كَمَا يُعَلِّمُهُمْ السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَهِيَ مِنْ الذَّخَائِرِ الَّتِي ادَّخَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ وَأُمَّتِهِ فَلَا يَنْبَغِي لِعَاقِلٍ هَمَّ بِأَمْرٍ تَرْكُهَا.
وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ «مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ اسْتِخَارَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ شِقْوَتِهِ تَرْكُهُ الِاسْتِخَارَةَ»، ثُمَّ بَيَّنَ مَعَانِيَ الْكَلِمَاتِ الَّتِي أَرَادَ اسْتِعْمَالَهَا فِيمَا يَأْتِي لِيَعْلَمَهَا النَّاظِرُ فِي كِتَابِهِ وَيَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ فِي نَظَرِهِ فَقَالَ: (مُشِيرًا) حَالٌ مِنْ تَاءِ " أَجَبْتُ " مَنْوِيَّةً أَيْ نَاوِيًا الْإِشَارَةَ (بِفِيهَا) أَيْ هَذَا اللَّفْظِ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ ضَمِيرِ غَيْبَةٍ مُؤَنَّثٍ عَائِدٍ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَبَّرَ بِفِيهَا عَنْ كُلِّ ذَلِكَ.
1 / 21