الصديق يقول: "لأن أقرأ فأسقط أحب إلي من أن أقرأ فألحن".
فإذا بلغنا عهد عمر رأينا المصادر تثبت عددا من حوادث اللحن. فتذكر أن١ عمر مر على قوم يسيئون الرمي فقرعهم فقالوا: "إنا قوم متعلمين" فأعرض مغضبا وقال: "والله لخطؤكم في لسانكم أشد علي من خطئكم في رميكم" سمعت رسول الله ﷺ يقول: "رحم الله امرأ أصلح من لسانه" وورد إلى عمر كتاب أوله: "من أبو موسى الأشعري" فكتب عمر لأبي موسى بضرب الكاتب٢ سوطا. والأنكى من ذلك تسرب اللحن إلى قراءة الناس للقرآن، فقد قدم أعرابي في خلافة عمر فقال: "من يقرئني شيئا مما أنزل على محمد؟ " فأقرأه رجل سورة براءة بهذا اللحن:
"وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسولِهِ ... "٣ فقال الأعرابي: "إن يكن الله بريئا من رسوله، فأنا أبرأ منه" فبلغ عمر مقالة الأعرابي فدعاه فقال: يا أمير المؤمنين، إني قدمت المدينة ... وقص القصة فقال عمر: "ليس هكذا يا أعرابي" فقال: "كيف هي يا أمير المؤمنين؟ " فقال: ﴿أن اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ فقال الأعرابي: "وأنا أبرأ ممن برئ الله ورسوله
_________
١ إرشاد الأريب ١/ ٦٧ مطبوعات دار المأمون، والأضداد لابن الأنباري ص٢٤٤ طبع حكومة الكويت.
٢ هو أبو الحصين بن أبي الحر العنبري كما في وفيات الأعيان "٥/ ٩٩"، وكان أبو موسى قد استكتبه بعد زياد.
٣ سورة التوبة ٩/ ٣.
1 / 9