Dari Celah-Celah Kegelapan: Cerita Seorang Tahanan yang Paling Mengganggu adalah Bahwa Ia Belum Berakhir
من شقوق الظلام: قصة سجين أكثر ما يؤرق فيها أنها لم تنته بعد
Genre-genre
انهماكنا في إنتاج شيء ما خلق فينا إحساسا رائعا بأننا لا زلنا على قيد الحياة، ولم نزل نملك القدرة على الإبداع والإنتاج والخلق. قد يكون المنتج أمرا تافها ليس بذي قيمة لكن مع ملاحظة الظرف الذي نعيشه، كانت عملية إنتاجه وإبداعه أمرا حيويا بالنسبة لمعتقل جهد جلادوه على تحطيمه نفسيا، ونزع كل رغبة عنده في الحياة. قد لا يدرك أهمية ذلك إلا من عاش الاعتقال في هذه الظروف المزرية. إن محاولة تجاوز المحنة بالتأقلم معها يشكل منعطفا نفسيا استراتيجيا مهما، بدلا من العيش في الواقع المر والاستسلام له والخضوع لظله الثقيل، وهو حال يؤدي حتما إلى الكآبة التي تعد انتحارا مؤجلا. تجاوز ذلك والتعامل مع المحنة كأنها أمر عادي سوف يقلل من آثار السجن كثيرا. وهذا ما حصل بوضوح بعدئذ عند كثير من السجناء غيروا حال السجن إلى واقع آخر سوف يأتي وقت للحديث عنه، وسوف تنكشف وقتها القيمة المعنوية الكبيرة لعملية صنع المسبحة العجينية. كم من حدث غير مجرى التاريخ يعد تافها بمقاييسنا الآن؛ لذلك لا يصح الحكم على الأشياء والأحداث بقيمة مطلقة، قيمة الأشياء تأتي من قراءة السياق الذي ولدت فيه.
استهوتنا فكرة عمل المسابح وانتقلنا من العجين الذي كانت صناعته رديئة في أغلب الأحيان لهشاشته وتكسره السريع، ولأنه أيضا لم يكن ينجو من سحق إما بالأقدام أو بالأجساد في تقلباتها أو احتكاكها أثناء النوم في مكان ضيق يزدحم بساكنيه. فكان قرارنا التحول إلى صناعة أخرى أكثر تطورا وأجود نوعية، هذه المرة من نوى التمر الذي كان يصلنا بين الحين والآخر. كان جمع النوى يحتاج وقتا طويلا؛ لأن التمر لم يكن يصلنا بشكل دوري كما هو الخبز قوتنا اليومي. كنا نستهل مرحلة جديدة من التطور الصناعي، مرحلة صعبة أحياها العجين ونفخ فيها الروح لمواصلة الحياة.
تشذيب النوى على الأرض الإسمنتية التي نفترشها كان يستغرق ذلك منا أحيانا شهرا كاملا وربما أكثر من ذلك، هذا الوقت كله لأجل صنع مسبحة واحدة ليس غير. لم يكن الأمر بالنسبة لي عملا يسيرا؛ فقد كنت دوما متلكئا في سائر الحرف اليدوية، وما أزال لسوء الحظ مواظبا على هذه الخصلة السيئة حتى اليوم؛ إذ لم أشهد أي تحسن فيها ولم تنفعني سنوات السجن في تطوير مهاراتي اليدوية، بل يمكن اعتباري بلا تردد مزمن الفشل فيها. أما كيف نثقب تلك النوى ونمرر منها الخيط الذي تنتظم بها فذاك وحده حكاية أخرى.
10
ما علينا من ملابس بدأ يتهرأ أكثر مما هو عليه فعلا، وباتت أرديتنا ممزقة يكاد نسيجها يتفتت لوحده، وغدت أسمالا بالية بالمعنى الحرفي للكلمة. كان لا بد من خيط وإبرة لعلاج بعض التشققات، فما عادت ثيابنا تستر أماكن لا يصح التغاضي عنها لحساسيتها الشديدة. وكان السؤال الكبير: ما هو السبيل إلى الإبرة والخيط في زمن الممنوعات الكثيرة؟ كنت كلما صادفني ممنوع تذكرت قصيدة أحمد فؤاد نجم، وأرددها بلحن شيخ إمام:
ممنوع من السفر.
ممنوع من الغنا.
ممنوع من الكلام.
ممنوع من الاشتياق.
ممنوع من الاستياء.
Halaman tidak diketahui