Dari Akidah ke Revolusi (2): Tauhid
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
Genre-genre
85 (6) نقد الأدلة
هناك انتقادات عامة للأدلة كلها تقوم على إبطال التسلسل إلى ما لا نهاية، وعلى ضعف منطق الاستدلال، وعلى نوع المفاهيم والتصورات المستعملة إسقاطا للمفاهيم الإنسانية على الطبيعة لاحظ القدماء بعضها ورأى المحدثون البعض الآخر. فمن حيث منطق الاستدلال، تقوم الأدلة كلها على بطلان الدور والتسلسل مع أن كليهما ممكن. فالدور هو التفكير العلمي، أي تبادل الأثر بين العلة والمعلول. فقد يكون الشيء علة نفسه، علة ومعلولا في آن واحد. السحاب علة للماء، والماء علة للسحاب، وهو المثل المشهور مثل «الدجاجة والبيضة»، فلا وجود لدجاجة أولى أو لبيضة أولى. كما أن التسلسل ما لا نهاية لا يستحيل سواء من الأول الذي ينتهي بضرورة وجود علة أولى أو من الآخر الذي ينتهي بضرورة موجود أول. فذلك هو الفكر الديني في أقصى درجة من التجريد قبل أن يتحول إلى فكر علمي. ولماذا التفكير بطريقة الرجوع إلى الوراء للبحث عن العلة مرات عديدة وضرورة التوقف في التسلسل إلى علة مخالفة في الطبيعة والكمال لكل العلل؟ وحتى على فرض أن هناك تسلسلا إلى ما لا نهاية، فلماذا يكون التسلسل دائما طوليا في خط مستقيم وليس دائريا، فتكون العلة اللاحقة علة للسابقة والعلة السابقة علة للاحقة دون أن يكون هناك سبب مطلق أو لحق مطلق؟ يبدو أن الفكر الديني فكر طولي تراجعي، في حين أن الفكر العلمي فكر دائري تقدمي.
86
ولماذا يكون التسلسل إلى ما لا نهاية مرفوضا؟ إنه يمكن الذهاب إلى العلل المباشرة، ثم إلى العلل الأولى دون أدنى حرج علمي، وتكون صورية العلم بقدر البحث عن علل أولى للعلل المباشرة. بل إن التسلسل إلى ما لا نهاية يكون باعثا مستمرا على تقدم العلم في حين أن الوقوف عند علة مفترضة بالقفز عن طريق القلب يوقف العلم. فما دام العلم قد وصل إليها ففيم العلم بعد ذلك؟ الحجة عن طريق التسلسل إلى ما لا نهاية حجة عاطفية خالصة؛ لأن اللانهائي صياغة عقلية لعواطف التأليه، حتى إذا كان الأمر متعلقا بالرياضيات أو الطبيعة أو ما بعد الطبيعية.
87
كما يستحيل العلم «بالله» عن طريق إبطال الدور والتسلسل إلى ما لا نهاية؛ لأن ذلك إبطال للفكر العلمي، وإيقاف للفكر العقلاني عن تقدمه وتحوله إلى فكر علمي. فليس بديهيا تقدم المؤثر على الأثر أو العلة على المعلول. قد يؤثر الأثر في المؤثر، والمعلول في العلة، كما يؤثر الابن في الأب، والتلميذ في الأستاذ، والمنسوخ في الناسخ، والجديد في القديم، والحاضر في الماضي. هناك تبادل أثر وتأثر بين العلة والمعلول. وليست العلاقة من طرف واحد بل من طرفين. ليست أحادية الطرف بل مزدوجة الأطراف. هذه العلاقة الأحادية هي التي جعلت الفكر الديني كله يعطي الأولوية للعلة الأولى على العلة الثانية، و«لله» على العالم. وهي السبب التصوري الذي يجعل العلاقات الاجتماعية والسياسية ذات بعد واحد، من الحاكم إلى المحكوم، ومن الرئيس إلى المرءوس، ومن الأعلى إلى الأدنى. وقد تنبه القدماء أيضا إلى استحالة إثبات العلم بالله عن طريق إبطال التسلسل إلى ما لا نهاية.
88
فإيقاف تسلسل العلل إلى علة أولى يوجب التناهي، وهو مضاد لتصور اللامتناهي، وبالتالي يكون تسلسل العلل إلى ما لا نهاية أقرب إلى تصور التوحيد. كما أن وقوف التسلسل إلى علة أولى وقوف تعسفي ليس له ما يبرره من عقل أو واقع أو مطلب إلا رغبة إيمانية لإثبات «الله» كموجود أول أو كعلة أولى. كما أنه خوف من المجهول، وعجز عن حساب اللامتناهي، وهو الحساب الذي برع فيه علماء الرياضة القدماء، وإيثار للسلامة، وارتكان للأمان. ولا يمكن إثبات تناهي العلل عن طريق التصور الدائري للمكان، أي التقاء الطرفين، فما زال التناهي يرمز إليه بالخط الممدود من الجهتين على مساحة مسطحة. ولا يتطلب تسلسل الممكنات إلى ما لا نهاية بالضرورة وجود واقع أول، فالإمكانيات لا نهاية لها. ويأتي تحقيقها بالفعل من داخل الإمكانية، وليس من خارجها. واعتبار الممكن في حاجة إلى غير ممكن، لا هو نفسه ولا داخلا فيه، هو التصور الخارجي للعلاقة بين الواجب الممكن على نمط التصور الخارجي للعلاقة بين الله والعالم.
أما بالنسبة لضعف منطق الاستدلال فيبدو في عدة موضوعات، منها أنه إذا وجد دليلان في كل مسألة ينفي كل منهما الآخر فيبطل المطلوب إثباته.
89
Halaman tidak diketahui