218

Dari Akidah ke Revolusi (2): Tauhid

من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد

Genre-genre

76

أما إثبات الحال فيقوم على حجج مقابلة كلها عقلية لما كانت الحجج النقلية متشابهة ظنية متضادة، يسهل قلبها إلى حجج مضادة.

77

فالحال حالة نفسية للذات وليس صفة مستقلة عنها، العلم حالة علم، والقدرة حالة قدرة، والحياة حالة حياة. هناك إذن أحوال ثلاثة: العالمية، والقادرية، والحيية. ثم حالة رابعة أوجبت هذه الأحوال الثلاثة وهي الألوهية.

78

والأدلة على ثبوته عديدة منها أن من علم بوجود الجوهر ولم يحط علما بتحيزه ثم استبان تحيزه فقد استجد علما متعلقا بمعلوم ويسوغ تقدير العلم بالوجود دون العلم بالتحيز، فإذا تغاير العلمان بطل أن يكون العلم الثاني هو العلم الأول، فالثاني إحاطة بما لم يحط به الأول. ونظرا لاختلاف العلمين يكون الثاني حالا. وقد يعلم العالم كونه عالما قبل أن ينظر في الأعراض، وهذا العلم حال. الحال إذن حال العلم أو العلم بالعلم أو الوعي بالعلم. نعقل الذات ثم نعقل حركتها، وهذا العقل الثاني هو الحال. فلا يمكن إثبات الصفات دون إثبات الحال؛ لأن الحال هو طريق العلم بالصفات. يفضي إنكار الأحوال إلى إنكار القول بالحدود والبراهين وألا يتوصل أحد من معلوم إلى مجهول، ولا سيما الصفات، إذ منشأ القول بها ليس إلا قياس الغائب على الشاهد. كما أن اختلاف مفاهيم عالم وقادر توج بالتغاير، وبالتالي توجب ثبوت الحال، فحال العالمية غير حال القادرية، وهو نفس دليل إثبات الصفة، ولكن إثبات الحال به أولى. لما كانت الذوات مختلفة تتفق في شيء وتختلف في شيء، فإن حال كل منهما غير حال الآخر، وبالتالي فإن غيرية الذوات تثبت غيرية الأحوال. من يعلم الجوهر قد يجهل التحيز مع العلم بالوجود، وهما علمان متغايران. وإذا علم الإنسان شيئين مختلفين، فالاختلاف ليس راجعا إلى الوجود بل إلى الحال. وقد يأتي إثبات الحال من جانب الموضوع باعتباره حالة شعور. فإذا استحالت قدرة لا مقدر لها وعلم لا معلوم له يثبت الحال لأنه موطن ظهور الموضوع وانكشافه فيه. ولا يمكن نفي الحال وإثبات العلة. ولما لم يصر أحد من المحققين على إبطال المعلل ثبت الحال.

79

لا يعني إثبات الحال أن يصبح الوجود قديما حادثا جوهرا وعرضا، في آن واحد لا تمايز فيه ولا اختلاف، بل يعني أن الوجود حال انتقال من طرف إلى آخر، أي أن الوجود حركة وصيرورة. لا يعني إثبات الحال إيهام شيء واحد في شيئين مختلفين أو شيئين مختلفين في شيء واحد، ولا يعني اتحاد المتكثرات المختلفات في شيء واحد ومتبدل الأجناس من غير تبدل في الوجود كتبدل الصورة في الهيولى عند الحكماء، بل يعني التعبير عن وحدة الصفة والموصوف أو الذات والموضوع في الحال بدلا من هذه الثنائية المصطنعة المفترضة التي تقسم الشيء الواحد إلى طرفين متعارضين، لا التقاء بينهما ولا مصالحة، يستبعد كل منهما الآخر ويزيد عليه. ليس الخطأ في إثبات الحال إلى اعتبار الوجود حال ونفي الوجود وجودا لأن الوجود علية تحقق حال وجود وليس واقعة وجود. فإذا ما تحقق حال الوجود في عملية الإيجاد فإنه يصبح وجودا متحققا في النهاية قد يرتد إلى حال وجود إن لم تتم المحافظة عليه كوجود دائم ومستمر من خلال نشاط الإنسان وفعله. ليس الخطأ في إثبات الحال هو إثبات صفات متحيزة وصفات مشتركة في آن واحد؛ لأن الحال بطبيعته يفرد ويشارك، يميز ويوحد، يفارق ويشابه. ولا يعني إثبات الحال إنكار أثر الفاعل إرادة وقدرة؛ لأن الحال هو وجود الموضوع في الذات كحالة أولى للنظر قبل أن تتحقق الحالة الثانية في العمل. فالتحقيق تجربة وليس مجرد تنفيذ آلي لأمر خارجي أو إرادة قاهرة.

80

الحال إذن تجربة إنسانية، توتر بين الوجود والعدم، يعبر عن عملية الإيجاد والتحقق. هو اعتبار إنساني يتحول من التجربة إلى التصور، ومن الوجود إلى الذهن، ولا شأن له بالإلهيات إلا عن طريق قياس الغائب على الشاهد كاستدلال واع أو عن طريق الإسقاط، إسقاط الشاهد على الغائب في فعل لا شعوري رغبة في الإمساك بشيء.

Halaman tidak diketahui