Dari Akidah ke Revolusi: Nubuat - Kebangkitan
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Genre-genre
وبعد الحديث عن مادة الملائكة وأجسامهم يطرح موضوع جنسها؛ ذكر أم مؤنث. وإذا كان النص أحيانا ينفي الأنوثة فإنما يتم ذلك استهزاء بقوم يرون الذكر شرفا والأنثى عارا، فأخذوا أفضل القسمين وتركوا لله القسم الآخر، ولقد يكون إبليس وحده هو الذكر وأن له أنثى؛ لأن له ذرية مثله. فإذا ما حدث ذلك بعد الطرد يظل الحكم الأول بنفي الذكورة والأنوثة عن الملائكة قائما. وإذا ما كانت له ذرية قبل الطرد لأصبح الخلاف لغويا نصيا بين النفي والإثبات. وإذا كانت الملائكة بناتا فقد يعني ذلك الستر؛ ستر الله للبنات؛ فهن أحوج للستر من الذكور في مجتمع الذكور. فإذا كان عيسى قد ظهر ولم يكن مستورا، فإن آدم عندما هبط إلى الأرض ظل يخصف عورته من ورق الشجر ليستر نفسه.
9
وهذا كله إسقاط من الإنسان وبيئته على موضوع لا يدركه الحس، ولا يتصوره الذهن.
ولما كان للملائكة هذا القدر من الرتبة العلوية والشفافية الجسمية، فهم يقدرون على ما لا يقدر عليه سائر البشر؛ فيجرون المعجزات، مثل قطع المسافات بين السموات والأرض في مدة قصيرة جدا، وتمر أمامنا ولا نراها، وتفعل أفعالا عظيمة يعجز عنها البشر. وتحاول إحدى الحركات الإصلاحية الحديثة تفسير ذلك وتبريره بظواهر الطبيعة، وباكتشافات العلم الحديث؛ فالرياح تقلع الأشجار العظيمة وتهدم الأبنية العالية، والكهرباء تجر الأثقال التي يعجز عنها ألوف الرجال، والإنسان قادر بأصبعه وعضلات ساعده القيام بأفعال صعبة، وهي كلها من أوامر مخه، وهو جسم لطيف نحيل يحرك الأعضاء من خلال الأعصاب، بالرغم من فساده بأقل شيء ولو بنقطة دم زائدة فيها. وإمكان ذلك كله يرجع إلى الله القادر على كل شيء!
10
كما أن سرعة قطع المسافات يمكن تبريرها بقانون الجاذبية؛ فالجسم الساقط من الشمس تكون سرعته أكبر بكثير من الجسم الساقط على الأرض في أول ثانية، كما أن سرعة حركة الأفلاك ودوران الأرض أكبر بكثير مما نشعر بها. ولماذا لا تذكر أيضا سرعة الصوت والضوء لتبرير سرعة الملائكة؟
11
واضح من ذلك أنه لا سبيل إلى معرفة الغائب إلا بالقياس على الشاهد، وإذا كان الشاهد هو العلم، فإن موضوعات العقائد لا تفهم حينئذ إلا بالعلم، ويكون العلم هو وسيلة معرفة عقائد الإيمان، إذا ما تغير العلم تغير فهم العقائد. ولما كان العلم باستمرار متغيرا أصبح فهم العقائد متغيرا كذلك؛ وبالتالي تحول نسق العقائد كله من الثبات إلى التغير، وأصبحت مادة العقائد كلها هي مادة العلم، وبدل أن يصبح المتكلمون تابعين للساسة يصبحون هذه المرة تابعين للعلماء؛ الساسة الجدد، أو الذين يعملون أيضا عند الساسة القدماء. وعلى الرغم من هذا التفسير العلمي لقدرة الملائكة إلا أن اللجوء إلى قدرة الله على كل شيء لا يتم التنازل عنه، وكأن تفسير العلم لا يتنافى مع الإيمان بالقدرة، وليس بديلا عنه، فيتجاور العلم مع الإيمان؛ الأول وافد من الآخر، والثاني نابع من الذات، ويصبح المسلم مقلدا للآخر وناقلا عنه، ومطمئنا إلى إيمانه القديم، وكأنه قد جمع بين الحسنيين؛ علم الآخر وإيمان الذات، وهو ما نحن عليه حتى اليوم.
أما من حيث باقي الأوصاف، فقد يكون مكانهم في السماء؛ نظرا لقربهم من عالم الأفلاك، وهو عالم مشابه لها، من حيث الشفافية واللطافة والحياة والحركة.
12
Halaman tidak diketahui