Dari Akidah ke Revolusi: Nubuat - Kebangkitan
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Genre-genre
هو الإخبار عن حس؛ فالرواية في أصلها إخبار عن حس ومشاهدة، سمع أو بصر. وشهادة الحس مع أوائل العقول مكونان رئيسيان في نظرية العلم قبل المكون الثالث وهو النقل. فصحة النقل قائمة أولا على شهادة الحس وأوائل العقل وبداهة الوجدان. يقين التواتر إذن ليس خارجيا فحسب؛ أي الاتفاق مع مجرى العادات، بل هو أيضا يقين داخلي بالاتفاق مع ما يحس به الإنسان من نفسه وما يشعر بوجوده، وذلك ما يجعل العلم الناتج عن التواتر علما اضطراريا. يعطي التواتر إذن حقائق بديهية حسية وحدسية ووجدانية ثابتة لا تتغير، يدركها الحس، ويراها العقل، ويشعر بها الوجدان لأول وهلة بعد سماعه.
8
ومن هنا تأتي استحالة المعجزات؛ لأن شرط نقلها هو التواتر، وشرط التواتر الإخبار عن حس، والمعجزة تناقض ضرورات الحس وبداهات العقول. ولا يوجد دليل عقلي على إثبات الكرامة أو المعجزة إلا الخبر. ولما كانت رواياتها كلها ينقصها شروط التواتر، فهي كلها آحاد لا تفيد إلا الظن. وإن غياب الاتفاق مع الحس ليعادل رواية عشرين راويا فيهم واحد من المبشرين بالجنة،
9
وبالإضافة إلى النقد التاريخي للروايات المتضمنة للمعجزات، فإنه يمكن القيام بنقد داخلي؛ فعلى فرض صحة الرواية فإنه يجوز أن تكون المعجزة خطأ في الإدراك، أو جهلا بالواقعة، أو خطأ في التصورات، أو عدم دقة في التعبير، واستعمال الأساليب الإنشائية بدلا عن القضايا الخبرية، خاصة في عصر لم يكن الشعور التاريخي فيه محايدا، بل كان ملتزما انفعاليا بالوقائع المروية، ويميل بطبيعته إلى التفخيم والتضخيم من أجل التأثير على النفوس. فقد كانت الغاية من الرواية نشر الدين والدعاية له، كما هو الحال في معظم الروايات في تاريخ الأديان، خاصة المسيحية وانتشارها في الجماعة الأولى.
النبوة إذن واقعة بيقين التواتر، والتواتر أساس المعرفة التاريخية، يستحيل معه التواطؤ على الكذب، وبه نقلت أعلام الأنبياء. التواتر يفيد اليقين، وهو يقين قائم على العادة وعلى استقراء الوقائع وحكم العادة. ولما كان الخبر وسيلة لإعطاء بداية يقينية أولية يبدأ منها العقل كان لا بد أن يعطي علما ضروريا. فإذا ما أعطى بداية ظنية فإن البناء كله، المعرفي والسلوكي، يكون ظنيا.
فإذا ما أفاد التواتر العلم لشروطه الأربعة، فإن الآحاد لا يفيد إلا الظن. وخبر الواحد ليس هو الخبر الذي يرويه واحد، بل هو الخبر الذي يفقد شرطا من شروط التواتر الأربعة؛ ومن ثم يكون ظنيا في العلم وإن ظل يقينيا في العمل. ولما كان علم التوحيد علما نظريا لا عمليا فخبر الواحد في العقائد لا يكون أساسا لليقين، ولا يقال في العقائد بالظن. ولما كانت معظم روايات السمعيات آحادا، وخبر الواحد لا يعطي إلا الظن في النظريات، استحال تأسيس السمعيات وهي الشق الثاني في علم أصول الدين بعد الشق الأول وهي العقليات؛ التوحيد والعدل. ولما كان لا ينتج عنها عمل أو فرض أو شريعة باستثناء موضوعي النظر والعمل، والإمامة والسياسة، فأهميتها في الحياة العملية أهمية غير مباشرة عن طريق الأثر النفسي للعقائد، وليس عن طريق الواجبات والفروض؛ لذلك يمكن اللجوء إلى البناء الشعوري لخبر الواحد، والبحث عن شروط الراوي الواحد؛ حتى يكون للرواية أكبر قدر ممكن من الصحة التاريخية؛ وبالتالي من اليقين العلمي. وهي أيضا شروط أربعة: الإسلام والعدالة والضبط والبلوغ، وهي صفات موضوعية لشعور الراوي، تضمن سلامة إدراكه وخلوه من الهوى وحياده. فالإسلام شرط الالتزام بالتبليغ والانتساب إلى حضارة والولاء لمبادئها. والعدالة شرط أخلاقي؛ حياد الشعور وسلامته من الهوى. والضبط شرط إدراكي بالنسبة لسلامة الحواس؛ السمع والحفظ والأداء، الأذن والذاكرة واللسان. والبلوغ شرط عقلي حتى يتم الاتفاق بين الحس والعقل والنقل. وما سوى ذلك من شروط خاصة إذا كانت لا تتوافر فيها الموضوعية لا تدخل كعامل في اليقين. أحوال الشعور إذن، وضعه أم حياده، ضرورية لمعرفة صدق الخبر. وتعلم هذه الأحوال بتحليل الشعور وليس بالخبر، وإلا تحول الأمر إلى دور؛ تعرف الأحوال بالخبر، ويعرف الخبر بالأحوال، مثل أن يكون أحد الرواة من العشرة المبشرين بالجنة، أو من أهل الجنة الذين لا يحصى عددهم، والذين ما زالوا في غياب المجهول لم تتم أعمالهم بعد حتى يكون لهم استحقاق.
10
ولا يوجد وسط بين التواتر والآحاد. المشهور الذي هو في الأصل آحاد، ثم أصبح متواترا هو آحاد؛ لأنه تواتر ينقصه شرط التجانس في الزمان. ولما كان الآحاد هو التواتر مع نقص أحد شروطه، فإن الخبر في النهاية لا يكون إلا متواترا حتى يفيد العلم القطعي.
11
Halaman tidak diketahui