Dari Akidah ke Revolusi: Nubuat - Kebangkitan
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Genre-genre
14
ومع ذلك فإن الإعادة للأجسام دون الأعراض تجعلها مركزة على الأقوى؛ وبالتالي تسهل إعادة الأضعف، خاصة وأن الجواهر لا تنفك عن الأعراض، وأن الأعراض لا توجد دون الجواهر، وأن القادر على إعادة الجواهر يكون أقدر على إعادة الأعراض. وإذا كان المعاد معنى، والمعنى لا يقوم بالعرض، يكون المعاد فكرة، والفكرة ليست في العرض، بل في الذهن. وتثار قضية جواز إعادة الأعراض على أساس أنها هي الإشكال؛ لأن الأعراض محمولة على الجواهر، وإعادتها لا تمثل اعترافا بقدرة أو بعلم زائد؛ نظرا لأنها قد تتبع إعادة الجواهر؛ فالجواهر لا تتعرى عن الأعراض، والأعراض لا تعود بأعيانها، بل بإعادة الجواهر. وما الفائدة من إثبات قدرة على الأضعف؛ أي إثبات الأعراض وإعادتها؟ ألا يكون إثبات الجواهر وإعادتها أجدى؟ وما الفائدة من إعادة الأعراض وهي أضعف من إعادة الجواهر؟ إن إعادة الجواهر، وليس الأعراض، أقرب إلى العقل، وإلى التعامل مع الماهيات والأسس. وإن قسمة الأعراض إلى باق وغير باق، وجواز إعادة الأولى دون الثانية، هي قسمة تدخل تصور الجوهر في الأعراض؛ إذ إن العرض الباقي هو الجوهر، وتكون أقرب إلى إعادة الجواهر دون الأعراض؛ لذلك كان من تحصيل الحاصل القول بالإعادة الشاملة للأجسام والأعراض معا، بالرغم مما يدل عليه القول من تأكيد على الإعادة دون تفريق بين الموضوعات. فإذا كان الإيجاد الأول للجواهر والأعراض معا، فكذلك تكون الإعادة الثانية أسوة بالإيجاد الأول.
15
ويبدو أن الغرض من الإعادة ليس فقط تطبيق قانون الاستحقاق، ولكن إثبات القدرة الإلهية، ورجوع إلى أصل التوحيد، وإثبات لجهل الإنسان الذي لا يعرف كيفية بعض الأعراض، ولكن الله أعلم بها. فما كان في مقدور العباد لا تصح إعادته؛ لأن الإعادة دليل على القدرة الإلهية؛ وبالتالي لا بد من سلبها من الإنسان، خاصة إذا كانت أفعالا فردية خاصة، وليست أفعالا نوعية. وإذا كان ما يجهل الإنسان كيفية إعادته يعود، وما عرف الإنسان كيفية إعادته لا يعود، تكون الإعادة كما هي إثباتا للعلم الإلهي؛ فما يجهله الإنسان يعلمه الله، وما يعلمه الله يجهله الإنسان. والحقيقة أن قضية إعادة المعدوم بعينه قضية ميتافيزيقية خالصة، وما يهم هو إعادة الروح إلى البدن؛ حتى يمكن الحساب. فهي قضية خاصة في الإنسان، وليست قضية عامة في الطبيعة.
فإذا ما عادت الأجسام جواهر وأعراضا، فكيف تتم الإعادة؟ قد تتثبت إعادة المعدوم من لا شيء؛ لأن العدم كلي شامل لا يبقي على شيء؛
كل شيء هالك إلا وجهه . والله هو الأول والآخر، الظاهر والباطن، لا يبقى معه شيء. بدأ الخلق من لا شيء، ويعيده من لا شيء. والأجسام نفسها تقبل الوجود والعدم، والله قادر على كل الممكنات، عالم بكل الجزئيات. ألا يتطلب ذلك أن يهلك الله كل شيء؛ الملائكة والجن والشياطين والمردة والحور العين والولدان المخلدون والجنة والنار؛ حتى لا يبقى معه شيء قبل البعث والنشور؟ والحقيقة أن هذه الحجج على جواز إعادة المعدوم من لا شيء، إنما هي حجج لاهوتية تثبت قدرة الله، وليست حججا طبيعية تثبت إمكانية الإعادة من عدم، وهي أدخل في أصل التوحيد لإثبات صفتي العلم والقدرة أكثر من دخولها في إثبات المعاد، وهي نفس فكرة الخلق من لا شيء، تعاد من جديد بالنسبة للإعادة بطريق الأولى؛ فالقادر على الخلق من لا شيء يكون أقدر على إعادته من لا شيء.
16
وهو التصور القائم على افتراض الانفصال بين الوجود والعدم، أو بين العدم والوجود، ولا يتم الاتصال بينهما إلا عن طريق الأمر التكويني الإرادي، وليس عن طريق التطور الطبيعي، من الوجود إلى العدم أو من العدم إلى الوجود. وقد يمكن إعادة المعدوم عن طريق تفريق الأجزاء وتأليفها، بحيث يحصل منها مثل الهيئة الأولى التي كان الشخص عليها في النشأة الأولى؛ فتكون عودة النفس إلى البدن الأول دون أن يتطلب ذلك بالضرورة عودة المعدوم بعينه؛ فالإعادة تركيب ثان، وليس إعادة من عدم؛ فلا شيء يأتي من لا شيء في الخلق أم في الإعادة.
17
ولو وقع إعدام الكل لوقع إعدام الجنة والنار، ولو وقع إعدام الكل وعودة الكل لاستحال؛ فالمعدوم لا يعود. وإن لم يعد الشيء بعينه لاستحال الاستحقاق؛ لأن الاستحقاق فردي وليس كليا، ولكن هل يتحلل جسد الأنبياء أم إن لهم وضعا خاصا؟ والحقيقة أن ذلك تشخيص للنبوة، ليس فقط في شخص النبي بل في جسده، وقضاء على الرسالة وإحلالها في البدن. وهل يختلف جسد محمد عن أي جسد كائن حي؟ وهل هناك فرق بين إعادة الناس البسطاء، وإعادة الحور العين والغلمان المخلدين، وكأن أجسادهم من طبقة أخرى؟ هل يتكون البسطاء من عدم محض، في حين يتكون الحور العين والولدان المخلدون من تجميع الأجزاء فحسب؛ رغبة في ألا يفنى الحور العين والولدان المخلدون، وحرصا عليهم ممن يفنون وهم لا يدرون، وكأن الراغب الفاني يشتهي المرغوب فيه الذي لا يفنى، فتفنى الذات، ويبقى موضوع رغبتها؟ ويدل ذلك على أن الموضوع كله إنما يعبر عن رغبة إنسانية، وهو ما سماه القدماء بحسب الذهن الذي لا بحسب الخارج. والواقع أن هذا التصور أقرب إلى التصور المادي القائم على اتصال المادة وتطورها من الوجود إلى العدم أو من العدم إلى الوجود، وهو التصور العلمي القائم على الاتصال في مقابل التصور اللاهوتي القائم على الانفصال، وهو تصور لا يحتاج إلى علة فاعلة خارجية، في حين يحتاج التصور اللاهوتي إلى علة فاعلة مشخصة .
Halaman tidak diketahui