Dari Akidah ke Revolusi: Nubuat - Kebangkitan
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Genre-genre
22
وإن تجويز عذاب القبر بناء على جواز إحياء الموت في القبر لأن تعذيب الجماد لا يتصور، يعود إلى الموضوع السابق، وهو: هل تجوز إعادة الحياة إلى جسد الميت؟ ويكون إثباتا بشيء آخر يحتاج إلى إثبات، ويكون من الهدف رد الروح إلى الجسد وتصور نوع من الحياة، بل والحياة العاقلة، حتى يمكن للعذاب أن يتحقق منه هدفه، وهو وقوع عذاب القبر.
23
ولكن الحياة شرط العلم في الصفات، وليست شرط العذاب في أمور المعاد. وكيف تكون الحياة شرط العلم في العقليات، وتكون شرط عذاب القبر في السمعيات؟ ويظل الاعتراض قائما: وهل يحتاج إثبات عذاب القبر إلى شرط العلية وهو الحياة؟ أليس الله بقادر على إحياء الميت في القبر دون شرط العلية، سواء كانت علة فاعلة أو علة مقارنة؟ إن الله قادر على كل شيء، بما في ذلك إحداث الحياة في الميت بلا علة مقارنة.
24
وقد تكون الفائدة منه الردع والزجر، وحث الإنسان على فعل الخير. ولكن في هذه الحالة، أليس في عقاب اليوم الآخر ما فيه الكفاية؟ وما الفائدة من هذا الردع السابق لأوانه؟ وإن لم يرتدع العاصي من الردع الكبير، فهل يرتدع من الردع الصغير؟ وكيف يكون هناك ردع والأفعال حسنة وقبيحة في ذاتها؟
25
فإذا ما ثبت عذاب القبر حرفيا وشيئيا، هل يكون بالجسد، أم بالروح، أم بالروح والجسد، أم بالشخص؟ فإذا كان في الجسد، فهل يجوز العذاب في أجزائه إن استحال الكل؟ ما دام الله قادرا على كل شيء، فإن النعيم والعذاب يكونان في الأجزاء، كما يجوزان في الكل بقدرته. وعلى هذا النحو، يتم تأييد الروايات الظنية بالقدرة المطلقة؛ حتى يتأكد الظن السمعي باليقين العقلي، ويمحى الشك بالقهر، ويقضى على العقل بالإيمان. وفي هذه الحالة، يجوز كل شيء بالقدرة والإيمان، فيجوز العذاب لكل الجسد أو لأجزاء منه، مثل مساءلة الملكين. والجواز في العذاب أكثر قبولا؛ لأن الجسد يحس، في حين أن اليد والرجل لا ينطقان، ولا ينطق إلا اللسان. ولكن كيف يجوز تعذيب من اختفى جسده كلا وجزءا، سواء أكله السبع، أو طواه اليم، أو حوله الحريق إلى رماد؟ وكيف يعذب الجماد بلا حياة؟ وما الفائدة من العذاب ما دام لا يوجد إحساس بالألم؟ فإن صعب الحل يكون العذاب للأرواح والأجساد معا بعد أن تعود الأرواح إلى الأجساد. وهنا أيضا تنشأ صعوبة احتمال غياب الأجساد في بطن السبع، أو في أعماق اليم، أو بين ألسنة النيران، فلا تجد الأرواح ما تحل فيه وتعود إليه، وكأن الأجساد شرط وجود الأرواح. وهل يجوز تعذيب شخص في شخص آخر، تعذيب الإنسان مأكولا أو مهضوما في بطن السبع؟ وما الفائدة وألم الافتراس قد تم، وأصبح الإنسان عصارة معدية لا تتألم كإنسان، وإن تألمت فإن آلامها ستصيب السبع من معاصي الذي في بطنه؟ فإن استعصى الأمر يكون العذاب للأرواح وحدها دون الأجساد. حينئذ ما فائدة إثبات عودة الأرواح إلى الأجساد، وإيجاد مستقر للأرواح، ومساءلة الملكين، والجواب باللسان، وعذاب القبر من خلال الجسد؟ لا يبقى إلا أن يكون عذاب الأرواح صورة فنية؛ إسقاطا من الحاضر على المستقبل، وتصور المستقبل بناء على الحاضر؛ تعبيرا عن هم المستقبل وثقل الحاضر، والتخوف منهما معا. فالأفعال الماضية خاصة القبيحة منها تطل على الحاضر ، وتجثم على المستقبل، فيشعر الإنسان بآلام الضمير ووخز النفس عندما ينكشف الحجاب، وتسقط الأقنعة، وينتهي العمر.
26
ثم يوصف عذاب القبر على نحو تفصيلي؛ فمنه ضم القبر وضغطه على الميت، حتى يهشم ما تبقى من ضلوع الجسد، حتى تلتقي حافتاه ويصبح الجسد بين المطرقة والسندان! وكيف تتحرك جدران القبر وتتحرك الأرض؟ وماذا تفعل للذي حوت جثته الماء، أو أنياب السبع ومعدته، أو أفواه الديدان؟ وماذا عمن بقي في العراء بلا قبر؟ وقد تكون ضغطة الكافر مثل سقوط السقف على العظام، أو تهشيم الترام الأرجل، أو زنقة القفص الصدري بين الركبتين. أما المؤمن فضغطة القبر عليه تكون مثل ضغطة الأم الشفيقة على ولدها من السفرة العبيقة! وهو تصور إنساني خالص، وصورة شعبية للذة الالتصاق التي يصعب التفرقة فيها بين الألم واللذة.
Halaman tidak diketahui