Dari Aqidah ke Revolusi (1): Pengenalan Teori
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
Genre-genre
5
صحيح أن علم الكلام حاول العثور على أسس نظرية للعقائد، وتحويل الإيمان إلى تعقل، والنص الديني إلى معنى مستقل قائم بذاته، وتأسيس التوحيد ذاته على العقل وتحويله إلى علم نظري،
6
ولكن ماذا كانت النتيجة؟ تضاربت الأسس العقلية وتشعبت الآراء، حتى إنه ليستحيل معرفة أي أساس نظري هو أساس الدين، وحتى إنه يصعب التعرف على «أصول الدين»، ضاع الحق وسط الآراء، ولم يعد هناك تصور واحد، بل تصورات عديدة، كل منها يدعي أنه أولى بالتمثل والاعتقاد، وكلما وجد الإنسان هواه مع أحدها انتسب إليها، والحق معه ما دام يجد في النص أو في الرأي سندا له، فالذي هواه مع التجسيم ينتسب إلى التجسيم، والذي هواه مع الجبر يكون جبريا ... إلخ. علم الكلام إذن هو تاريخ الأهواء والأغراض والمصالح أكثر منه تاريخا للعقل، ثم ورث الهوى العداوة والبغضاء في النفوس، وضاعت وحدة العقل في تكثر الأهواء، وتلاشت وحدة الوحي في تضارب الرغبات والمصالح.
7
إن العقل بإمكانه تنظير كل شيء، وإن شئنا تبرير كل شيء، هو آلة يمكن استخدامها في كل اتجاه، فيمكن إيجاد براهين على التوحيد كما يمكن إيجاد براهين أخرى على التثليث.
8
العقل في معظم الأحيان تابع للشعور أو محلل لمضمونه، قد تكون هذه طبيعة العقل أو قد يكون هذا هو أسلوب استخدامه، أو قد يرجع ذلك إلى مستوى النضج الحضاري أو البلوغ الفكري، ولكن هذا هو وضع العقل داخل «اللاهوت» أيا كان، فما من دليل عقلي إلا ويمكن نقضه حتى الأدلة على التوحيد.
9
وما من برهان إلا ويمكن الإتيان بنقيضه، ولا يكون العيب في الموضوع مثل التوحيد، بل في أدلة العقل وبراهينه، وتكون نهاية العقل المستخدم لإثبات قضايا الإيمان الوصول إلى ما بدأ منه، وكأن العقل لم يفعل أكثر من تكرار ذاته مرة في البداية ومرة في النهاية، عمل العقل في علم الكلام إذن تحصيل حاصل، ونتائجه نتيجة لاستعمال العقل أيضا تحصيل حاصل، لم يأت بجديد بالنسبة لعقائد الإيمان، ولم يزد شيئا عما حوته النصوص، بل إنه أحيانا قال أقل مما قالته النصوص لأنه قاله معابا، مهلهلا منقوضا عقلا، في حين أن النصوص قد عبرت عنه في اتساق وبشعر وبلغة إنسانية يفهمها كل الناس. قضى علم الكلام على بساطة الوحي ووضوحه، وقدم عوضا عنه تحليلات صعبة عويصة لا يفهمها الجمهور، ولا يقتنع بها العقلاء، وقدم إلى الوحي مسائل لا يستطيع أن يقول فيها شيئا، وهي المسائل العقلية المحضة التي قدمتها البيئة الثقافية القديمة المجاورة مثل الحركة والزمان والجوهر الفرد، والخلاء، والملاء؛ فتحولت قضاياه ومسائله الجوهرية إلى قضايا فرعية لا يمكن الوصول فيها إلى رأي بمقياس شرعي، وكلما ازداد التفريع والتشعيب العقلي ازداد الابتعاد عن الوحي، واستعصى الوصول فيها إلى رأي يقيني، فقد تركها الوحي لحكم العقل الخالص أو لحكم التجربة أو لحكم الإنسان العام، لم يؤد علم الكلام إلا إلى الخلط والتشويش، ومزج الحق بالباطل، والباطل بالحق، وقول الكل ولا شيء في آن واحد، فإذا كان شرف المنهج هو العقل والبرهان واليقين، دفاعا عن العقيدة بالبرهنة عليها، فإنه قد انتهى إلى إضعافها وتجريحها، وكثيرا ما مات علماء الكلام على دين العجائز.
Halaman tidak diketahui