Dari Aqidah ke Revolusi (1): Pengenalan Teori
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
Genre-genre
تفنيد مواقف الخصم ابتداء من تحليل شعوره، وإرجاع موضوعية الفكرة إلى ذاتية القائل بها، وإعلان أن هذه الفكرة المنقودة قد تاب عنها صاحبها وأنها لا تمثل مذهبه؛ ومن ثم إدخال بعد التطور الفكري للمتكلم، وضرورة نسبة أقواله إليه طبقا لمراحل تطوره الفكري، دفع النقد بأنه تشنيع وليس نقدا علميا؛ أي تحويل موضوعية النقد إلى ذاتية الناقد، إيقاع الخصم فيما ينقده، وباختصار تحويل عقائد المتكلم إلى سلوك شخصي وبناء للشعور وإدخالها في دائرة البواعث والدوافع والمقاصد والأهداف.
والجدل لا يكون منهجا لعلم يقيني، بل لعلم ظني محض؛ لأنه لا يوصل إلا للظن؛ فالجدل طريق ظني لا يوصل إلى اليقين؛ لذلك وضعه المناطقة مع السفسطة والخطابة والشعر منطقا للظن، وأخرجوه من منطق اليقين، لم يستطع علم الكلام أن يكون علما «منحى عن غياهب الشكوك وظلمات الأوهام»، بل كان كل ما انتهى إليه من قبيل الظن، والظن لا يغني من الحق شيئا، والعلم لا يكون علما إلا إذا كان علما يقينيا موصلا إلى اليقين على الأقل من ناحية المنهج وليس من ناحية النتائج؛ وبهذا المعنى تكون علوم التصوف أكثر استحقاقا لتسميتها بالعلم؛ لأنها - على حد قول الصوفية - تؤدي إلى اليقين وإن كان يقينا ذوقيا يقوم على الكشف الخالص. ومع ذلك، يرى القدماء أن مهمة علم الكلام هو تحويل الإيمان إلى يقين، والاستدلال عليها من الأدلة اليقينية من أجل التصديق، بل إن علم الكلام سمي كذلك لأنه هو «الكلام» دون سائر فنون الكلام؛ لأنه هو الكلام الأقوى والأيقن ودونه الأضعف والأظن!
20
ولا يوجد الظن - عند القدماء - إلا في العمليات أي الفقه، أما النظر فليس فيه إلا اليقين، والحقيقة أن العمل هو الأولى باليقين من النظر، وأن النظر أولى بالظن من العمل؛ فالأطر النظرية لا يمكن الاتفاق عليها بين الناس، في حين أن الاتفاق على برنامج عمل موحد ممكن، والأمثل بطبيعة الحال هو اليقين في النظر وفي العمل على السواء؛ فغياب اليقين من العمل، إن حدث، يكون أيضا نقصا في النظر نفسه لأن النظر اليقيني يؤدي بالضرورة إلى عمل يقيني. يحدث الظن في العمل نتيجة لارتباط العمل بموقف معين في زمان ومكان محددين؛ ومن ثم وجب التفسير والاجتهاد، ووجب التعين والتخصص، وهذا طبيعي، ولا يخرج على اليقين، ولكنه يقين التاريخ والممارسة وليس يقين النظر، وفي النهاية إذا كان الجدل يؤدي إلى الظن ويتأسس السلوك على الظن فإن الجدل يؤدي إلى السلوك الظني ويمحي اليقين في الأخلاق.
21
وإذا كانت الغاية من علم الكلام تأسيس العقائد على يقين، فإنه قد قام بعكس غرضه وأسسها على ظن خالص، بل إن البدعة التي يود علم الكلام نقضها هي التي تتحول إلى يقين بالعجز عن الرد عليها أو بالرد عليها ظنا؛ وبالتالي يؤدي علم الكلام عن طريق الجدل على عكس ما يرمي إليه، يؤدي إلى تحويل عقائده إلى ظن وعقائد الخصم إلى يقين،
22
وإذا كانت الغاية تأسيس الإيمان على يقين، فإن علم الكلام قد انتهى إلى تأسيسه، لا على الظن فقط بل على التقليد أيضا، تقليد أهل السنة والدفاع عن عقائدهم، مع أن التقليد مرفوض في نظرية العلم التي وضعها علم أصول الدين ذاته.
23
وبالإضافة إلى الظن والتقليد، أدى علم الكلام إلى الشك والتردد وإلى التعصب والجزم، وهما طرفا نقيض؛ فالشك والتردد مضيعة لليقين النظري، والتعصب والجزم مضيعة للعقل والبرهان، وكأن البحث عن اليقين قد انتهى إلى مضادات اليقين: الظن، والتقليد، والشك، والتعصب. وإذا كانت الغاية من علم الكلام إعطاء الأسس النظرية للعقائد، فإنه لم يعطنا أساسا نظريا واحدا متفقا عليه حتى يمكن إقامة السلوك عليه، وكيف تكون الأسس اليقينية متضاربة، ومختلفا عليها، وتحتوي على الأساس وضده؟ وكيف يحدث الخطأ في اليقين، ومنها الأساس، والعمل كله قائم عليه، والقائم على الخطأ خطأ.
Halaman tidak diketahui