Dari Akidah ke Revolusi (5): Iman dan Amal - Imamah
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Genre-genre
32
والأخطر من هذا كله هو هدم العقل وإثبات التقليد والتبعية، وتدعيم هذا الهدم بحجج عقلية تثبت دور العقل في الإثبات والنفي. فإذا كان الفتى يعرف بنفسه اعتمادا على العقل والنظر من غير حاجة إلى تعليم معلم أو عن طريق معلم صادق، فإنه يسمح بالضرورة بعلم غيره الذي توصل إليه أيضا بالعقل والنظر. فإذا ما أنكره عليه، فإن هذا الإنكار لا يحتاج إلى معلم، بل يمكن أيضا أن يتم بالعقل. وإذا كان لا بد من معلم، وكان من الضروري قبول معلم الخصم، وبالتالي يتعدد المعلمون، فإن ذلك لا يعني ضرورة وجود معلم صادق؛ لأن الخصم سيدعي أن معلمه هو الصادق؛ وبالتالي يتعدد المعلمون الصادقون. فما هو مقياس صدق المعلم إن لم تكن هناك وسائل للتحقق منها ومن ضمنها العقل؟ وإن صدق الراوي يمكن التحقق منه بشروط الرواية إذا كان الخبر متواترا، وبشروط الراوي إذا كان آحادا. أما ضرورة تحديد العلم الصادق بشخص بعينه حتى لا يتعلم من معلم غير محدد بشخصه، فإنه تشخيص للعلم بلا سبب. فالعلم لا يتحدد بشخص المعلم، والعالم كل من حمل العلم. وإن البحث عن رفيق للطريق، أي عن مرشد للمعلم، يجعل المرشد أهم من المعلم، ومن لا مرشد له لا معلم له. أما حجة الواقع فإنها لا تكون حجة مبدأ. فإذا كان كل معلم صادقا متعينا بشخصه على حق، وكل معلم صادق غير متعين بشخصه ليس كذلك في ظرف تاريخي خاص لجماعة بعينها، فإن ذلك لا يعمم في كل ظرف وفي كل مجتمع.
33
فإذا ما ظهر العقل فإنه يبدو عقلا أسطوريا غيبيا تعويضا عن غياب العقل الإنساني العلمي، العقل الأول، أول ما خلقه الله، والذي منه تفيض الصور على الموجودات، والذي يدخل في حوار مع الله متشخصا كفرد. وهل وظيفة العقل حوار خالقه أم إدراك العالم؟ وهل يعلم العقل بالفيض أم بالنظر والاستدلال؟ وهل هو مرتبط بالنفس أم بالحس؟ وهل هو وجود أم معرفة، شيء أم آلة؟ هل هو أخلاق أم طبيعة؟ هل هو متجه إلى العالم العلوي أم إلى العالم السفلي؟ وأين يعيش الإنسان ومن أين تأتي مآسيه؟ والعقل ليس مقتصرا على النبي أو على الوحي، بل هو عام في كل إنسان، يأتي من طبيعته وفطرته وليس موهوبا من أعلى، ينظر ويستدل دونما حاجة إلى صور موهوبة تفيض عليه من عقل أول. فهو عقل طبيعي موجود في هذا العالم، تعبير عن الفطرة، ولا شأن له بعقل أول، هو أو غيره، سابق على الخلق، لا نعلم عنه شيئا.
34
لذلك ينكر النظر والقياس، وتعتبر المعرفة اضطرارا. ولا يأتي هذا الاضطرار من طبيعة العقل أو من طبيعة الإنسان، أي من الداخل، بل يأتي من الخارج، من فضل الإمام، أو من ضرورة الوحي، أو من كشف وإلهام لا حيلة للإنسان فيه. فالإنسان بطبيعته لا يقدر على النظر والمعرفة. فإذا أقر بمعرفة فإنها لا تأتي عن طريق النظر الحر، بل تأتي بالإقرار بالفرض والإجبار، بل قد تمنع المعرفة وتسفه إذا ما استقلت بنفسها عن الفيض أو عن الإمام.
35
فإذا ما سمح بالنظر والاستدلال فإنه يكون بعد المعرفة الاضطرارية، ولا يؤدي هذا النظر إلا إلى معرفة نظرية دون أية معرفة عملية. وقد يسمح بها اختيارا إما اضطرارا أو كسبا، ولكنها تظل دون التكليف. وقد يسمح بها بعد مجيء الرسل لا قبلهم، ولكن يظل النظر تابعا للنبوة لا مستقلا عنها.
36
وإن إبطال النظر في الأمور النظرية ليؤدي بالضرورة إلى إنكاره في الأمور العملية؛ وبالتالي يستحيل استنباط الشرائع والأحكام ، ويبطل الاجتهاد فيها.
Halaman tidak diketahui