Dari Akidah ke Revolusi (5): Iman dan Amal - Imamah
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Genre-genre
والحقيقة أن هذا الموقف يقوم أساسا على إخراج العمل من الإيمان حتى يلغى التمايز في السلوك بين الأفراد؛ وبالتالي لا يختلف الحاكم عن المحكوم في الإيمان؛ فالكل مصدق وإن اختلفت الأعمال؛ وبالتالي لا مجال للمعارضة السياسية، سواء معارضة أعمال الحاكم أو تقديم أعمال المعارضة كبديل عنها. وكيف يكون الشعور درجة واحدة من الكيف، شعور أم لا شعور، إيمان أو لا إيمان، تصديق أو لا تصديق؟ ألا يختلف الشعور أيضا في الغموض والوضوح، والنوم واليقظة، والسطحية والعمق؟ وكيف يمكن تفسير اختلاف الأعمال والمعارف بين الناس؟ وكيف يتم التفاضل بينهم والأعمال إنما هي تعبير عن درجة الإيمان؟ إن جعل الإيمان هو عمل القلب هو تأسيس لعلم التوحيد على التصوف؛ مما سهل بعد ذلك التوحيد بين العلمين في العقائد المتأخرة. إن لم يكن الإيمان يزيد وينقص، يتجزأ ويتبعض، فإنه مع ذلك كيف يشتد ويضعف ككل باعث. وترتبط الشدة والضعف بدرجة الوعي النظري بالوحي، وبمقدار الالتحام بالواقع، والاستعداد الطبيعي للعمل والتضحية. الشدة والضعف يشيران إلى درجة الوعي الثوري عند الفرد. وإذا كان مضمون الإيمان هو الوحي، فلا بد أن يكون الوحي نظرا أو فكرا مرتبطا بالواقع ومصدرا له من أجل تغييره، وكأن مضمون الإيمان هو النظرة العلمية للواقع. مضمون الإيمان هو الفكر المصور للواقع، والواقع المحقق للفكر. مضمون الإيمان هو تغيير الواقع وتطويره، وتحقيق الوحي كنظام للعالم.
وإذا ثبت أن الإيمان يزيد وينقص فلا معنى لإيجاد حلول وسط بأن يزيد الإيمان ولا ينقص، أو ينقص الإيمان ولا يزيد؛ فالزيادة تتضمن النقص، والنقص يتضمن الزيادة. إذا كان الإيمان يزيد بالأعمال فإنه ينقص بغيابها، وإذا كان الإيمان ينقص بغياب الأعمال فإنه يزيد بوجودها.
32
ما دامت هناك طاعات ونوافل ودرجات في الأعمال فلا بد أن تكون هناك درجات في الإيمان؛ وبالتالي الزيادة والنقص فيه. في المعرفة زيادة ونقص بسبب الإجمال والتفصيل، وفي التصديق زيادة ونقصان بسبب الشدة والضعف، وفي الإقرار زيادة ونقص لأن في القول طولا واختصارا. ويختلف ذلك في حياة الفرد نفسه من لحظة وأخرى، وفي حياة الإنسان من فرد إلى آخر، بل وفي حياة الجماعة من مجتمع إلى آخر، وفي حياة البشرية من طور إلى آخر. وكذلك يتبعض الإيمان، وكل خصلة من الإيمان بعض الإيمان. ويتفاضل الإيمان في حياة الفرد وبين الأفراد وبين الجماعات والأمم. إن إثبات الإيمان بإخراج الأعمال منه هو اختيار السلطة، يهدف إلى تثبيت النظام القائم، في حين أن حركة الإيمان بإدخال الأعمال فيه إنما هو اختيار المعارضة لتغيير النظام إلى ما هو أفضل.
33
سابعا: خاتمة: الواقع التاريخي بين الإثبات والتغيير
إن كل مسائل النظر والعمل وأبعاد الشعور الأربعة، المعرفة والتصديق والإقرار والعمل، إنما هي في النهاية تنظير لواقع تاريخي قديم، ظل ينقل من البيئة القديمة على البيئة الحالية بالرغم من اختلاف الظروف، لدرجة أن الإطار النظري القديم والاختيارات القديمة أصبحت هي نفسها علم العقائد. ولما كان علم العقائد علما إلهيا مقدسا أصبح التغيير فيه أو إعادة الاختيار بين البدائل معدوما تقريبا، في حين أن كل موضوعات النظر والعمل إنما هي في الحقيقة الصورة النظرية للواقع التاريخي القديم، وأكبر دليل على أن علم العقائد نشأ في واقع تاريخي معين، وليس علما خارج الزمان والمكان، بل إن هذا الواقع هو الواقع السياسي بالضرورة، وكأن الأولوية في الواقع للسياسة، وكأن علم أصول الدين هو بالأصالة علم سياسي، أو بالأحرى علم نظر السياسة، تحول فيها الدين إلى «أيديولوجيا» سياسية، وأصبحت عقائد الفرق تنظيرا للواقع السياسي، وأصبحت عقائد كل فرقة تعبر عن موقعها واختيارها السياسي. ولما كان الموقع والاختيار يتحددان باستمرار ابتداء من السلطة السياسية، أصبحت عقائد الفرق تنظيرات للسلطة لتثبيتها أو لتغييرها، عقائد سلطة أو عقائد معارضة؛ لذلك ارتبط الموضوع كله بالإمامة؛ فقد كان الأمر يتعلق بإيمان وكفر الإمام، أو إيمان وكفر معارضيه، وليس بسطاء الناس، ثم تحول من صراع على السلطة إلى خلاف فقهي عام حول مرتكب الكبيرة وأنواع الكبائر؛ فالسياسة أصل العقائد. (1) الواقع التاريخي الثابت
والواقع التاريخي الثابت هو الواقع القديم الذي يشمل الحوادث التاريخية السابقة التي وقعت وارتبطت بأسمائها وأشخاصها وظروفها وبيئتها، والتي ما زالت تنقل حتى الآن وكأنها جزء من العقائد النظرية، وليست مجرد حوادث تاريخية كانت وراء نشأة علم العقائد. وأصبح من الصعب إن لم يكن من المستحيل التفرقة بين العقائد والتاريخ، بين الأسماء والأحكام، أي النظر والعمل، وبين الإمامة كحادثة تاريخية. وهناك ثلاث حوادث رئيسية تكمن وراء موضوع النظر والعمل ومرتكب الكبيرة وحكمه بين الإيمان والكفر والفسوق، وهي: إمامة عثمان، وحروب علي، والتحكيم. وواضح من عناوينها أنها مرتبطة بالأشخاص، بأسماء معينة، وليست مسألة نظرية خالصة باستثناء التحكيم. (1-1) إمامة عثمان
لما كانت أحكام مرتكب الكبيرة تتراوح بين الإيمان والكفر والفسوق، فإن الخلاف حول إمامة عثمان وأفعاله جعلها أول واقعة تاريخية تثير هذا التمايز في الأحكام؛ فقد كان هناك خلاف على أعماله مثل ضرب أتقياء الصحابة، ومنعه العطاء عنهم، ونفي البعض، واستدعاء بعض المنفيين، وعدم تطبيق حد القتل، وتولية أقاربه وجزل العطاء لهم، وجمع القرآن وحرق باقي المصاحف، وحمى الحمى، وإتمام الصلاة بمنى، وارتقاء منبر الرسول، وعدم حضور بدر، وتأخره عن بيعة الرضوان ... إلخ. وهي أفعال توجب النصح للحكام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فقهاء الأمة وعلمائها، أخطاء في العمل السياسي تغليبا للهوى على المصلحة، وترجيحا للمصلحة الخاصة على المصلحة العامة.
1
Halaman tidak diketahui