Dari Akidah ke Revolusi (5): Iman dan Amal - Imamah
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Genre-genre
38 (2-6) تغيير المعاملات
ولا يكفي تأويل العمل الفردي، أي العبادات، بل يتم التأويل أيضا للعمل الجماعي، أي المعاملات. فإذا كانت العبادات أعمالا فردية مركزة غايتها الحصول على مضمونها، فإنها يمكن أن تتحقق للإنسان بعدة أفعال أخرى في المعاملات، ولكن على نحو أطول. يشمل العمل إذن الفردي والجماعي، العبادات والمعاملات. وهي تفرقة تقوم على تصور للإنسان وكأنه يعيش بين عالمين في وقت واحد، العالم العلوي وعالم الآخرين، العالم المجرد وعالم الناس، مرة في خط عمودي وأخرى في خط دائري، مرة في بعد رأسي وأخرى في بعد أفقي. وتتراوح المعاملات بين الأحوال الشخصية، أي علاقات الزواج والطلاق؛ والعلاقات المالية، أي قسمة الأموال وتوزيعها؛ والعلاقات الاجتماعية، أي الولاية والعداوة ابتداء من الشهادة الفردية حتى علاقات الحرب وأسباب القتال. والمعاملات الشخصية هي لب المعاملات، والذي تتحد فيه علاقة الفرد بالآخر، الرجل بالمرأة من أجل تكوين البذرة الأولى للجماعة، وهي الأسرة، والتي فيها يتكون الأطفال، والتي تكون مركز الأسرة الكبيرة، وهي القبيلة. والقضية الكبرى هي: هل يجوز نكاح المسلم لمسلم آخر ليس من المذهب نفسه؛ أي الفرقة؟ فلم تعد الفرقة وحدها سببا في السؤال حول شرعية إمامة الصلاة، بل أيضا حول شرعية الزواج؛ فالمجتمع المغلق يحرص على تقوية بنيته الداخلية والعلاقات الوثيقة بين أعضائه. يحرم زواج المؤمنة من مسلم آخر ينتسب إلى المجتمع المفتوح، وهو مجتمع الغلبة والقهر، حتى لا يتميع النظام ويظل التضاد قائما بين المجتمعين؛ فالاتفاق العقائدي وليس الاتفاق في الدم والنسب هو أساس القرابة، في حين أن مجتمع القهر والغلبة يبيح زواج المسلمة من المسلم بصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف العقائدي لما كان هو المجتمع الأقوى، ولا يخشى من انفتاحه على الآخرين، بل إن من صالحه التزاوج والتصاهر بينه وبين الفرق المعارضة حتى يخترقها فتنكسر المعارضة، وتقوى روابط النسب والمصاهرة. وعلى أقصى تقدير، يمكن للمؤمنة الزواج من مسلم مخالف في المذهب في دار التقية وحدها، وليس في دار الإعلان، حماية لمجتمع الاضطهاد حتى تقوى شوكته فيحافظ على التضاد في النسب.
39
وعندما يستحكم العناد، يتحول نظام القرابة إلى سلاح سياسي، كل فرقة تحمي عقيدتها كأساس لوحدة مجتمعها، وتحرم الزواج من الفرقة الأخرى؛ أي الجماعة السياسية المعارضة، بل ويقوم مجتمع القهر والغلبة بإشهار هذا السلاح لحصار جماعات المعارضة، ورفضهم ودفعهم خارج المجتمع كمنبوذين أو خوارج عليه.
40
ولا ينطبق ذلك على الزواج وحده، بل أيضا على كل الذبائح والوراثة والصلاة وسائر الحقوق المدنية. ويتعدى ذلك إلى موالاة الأطفال وبيع الدماء وتزويج الصغار وضرورة الشهود والعقود أو عدم ضرورتها.
41
وكيف يمكن إثبات شهود وعقود، والشهود شهود زور، والعقود عقود قهر وغلبة؟ تكفي لذلك شهادة الكرام الكاتبين الذين لا يشهدون الزور مثل شهود كل عصر، وتكفي عقود القلب والنية التي لا قهر فيها ولا غلبة. التزويج بلا ولي؛ فالولي قد خان الأمانة، وبلا شهود؛ فقد شهدوا زورا، وبلا صداق؛ فما أكثر الرشوة! وإذا ما تم بيع إماء المخالفين فإن ذلك يكون نكاية فيهم، وإضعافا لهم، ونوعا من الحرب عليهم. وإذا سبيت نساء المخالفين فإذن ذلك نوع من الإذلال لهم وإضعافهم والقضاء على شوكتهم. وإن تزويج الصغار يكون بمثابة تربية لمجتمع الاضطهاد على الشدة منذ البداية، وإثبات الرجولة المبكرة، ورغبة في التكاثر. كل ذلك إنما يرجع إلى النظرة إلى المخالف؛ هل هو كافر أم غير كافر؟ فلو كان كافرا ظهر التضاد بين مجتمع الاضطهاد ومجتمع الغلبة، ولو كان مؤمنا نشأت علاقة بين المجتمع المغلق والمجتمع المفتوح. والواقع أن كل ذلك إنما نشأ في واقع اجتماعي معين فرض قوانينه وشرائعه، وعبر عن طبيعة الصراع السياسي فيه من خلال فقه الفرق، ولا شأن له بالعقائد إلا من حيث التبرير والشرعية ما دام الفقه فقها دينيا، عبادات ومعاملات. ولا يظهر هنا الخلاف في الفروع في فقه مجتمع الغلبة؛ لأنه بغير ذي دلالة، خلاف جزئي أسري داخل المجتمع القاهر، إنما يظهر الخلاف في فقه الفرق بين مجتمع الغلبة ومجتمع الاضطهاد.
ولا يتعلق الأمر فحسب بنظام القرابة، بل بمؤسسة الزواج كلها؛ فيجوز الزواج من تسعة حاصل جمع اثنين وثلاثة وأربعة كنوع من التحرر من التفسير الأحادي للقانون الذي يعطيه مجتمع الغلبة. وإن إباحة تعدد الزوجات إلى تسعة إنما يكشف عن رغبة في تفجير الطاقات المكبوتة، وهدم شرائع المجتمع، والعيش في عالم من الخيال والمتعة الحسية تعويضا عن ضياع العالم، وخلق مجتمع صغير يحكم الإنسان فيه، وهو مجتمع النساء ودولته الصغيرة بعد أن غاب منه المجتمع الخارجي والدولة الكبيرة. وفي النهاية ما الفرق بين تعدد الزوجات والإماء والسبايا وما ملكت اليمين؟ ألا يدل ذلك كله على حريات جنسية عامة، والفرق فقط بين هذه النظم في الصيغ التشريعية وليس في المضمون، مجرد فرق في الدرجة وليس فرقا في النوع؟
42
Halaman tidak diketahui