Dari Aqidah Menuju Revolusi (3): Keadilan
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
Genre-genre
الإشقاء والإسعاد. وتنتج عن القضاء والقدر عقيدة أخرى تماثله قوة وانتشارا، وهو موضوع الإسعاد والإشقاء، وهو التعبير عن القضاء والقدر على مستوى الحياة الفردية والاجتماعية. هي الصورة الغالبة في العقائد المتأخرة نظرا لانتشارها في الدين الشعبي، وأثرها في الحياة الاجتماعية، والترويج لها سياسيا لدى النظم القائمة ومن خلال أجهزة الإعلام والمؤسسات الدينية. وأهمية مثل هذه العقائد المتأخرة أنها تكشف عن الوضع الحالي للأمة، بنائها النفسي ووضعها الاجتماعي. فالسعادة والشقاوة أزليان، مقدران من قبل، لا يتغيران ولا يتبدلان. «السعيد من سعد في بطن أمه، والشقي من شقى في بطن أمه!» وبالتالي استحال تغيير الأوضاع الاجتماعية ، استحال أن يصبح الشقي سعيدا أو السعيد شقيا، نظاما كونيا أبديا لا يتغير. والسعادة في الإيمان والشقاء في الكفر وليس في رحابة العيش وبحبوحة الدنيا. ولما كان الفقراء من المؤمنين فهم السعداء، والأغنياء من الكافرين فهم الأشقياء. يسعد الفقراء بفقرهم ويشقى الأغنياء بغناهم! يسعد المظلومون بظلم الظالمين لهم، ويشقى الظالمون بظلمهم للمظلومين! والعبرة بالخواتيم وليس بالفواتح، العبرة بالمآل وليس بالحال. لا يهم إن عاش الشقي شقيا بل يهمه أن يموت سعيدا، ولا يهم إن عاش السعيد سعيدا يكفيه أنه يموت شقيا! وتخاف العامة من الخاتمة وتستعد لها كما تخاف الخاصة من السابقة وتخطط لها. تحرص العامة على آخرتها حرص الخاصة على دنياها. وتكاد تجمع العقائد المتأخرة على ذلك، والخلاف بينها لفظي لأنها تعبر عن أوضاع نفسية واجتماعية شائعة وعامة في الأمة.
32
والإشقاء والإسعاد صفات تتعلق بالحياة الإنسانية لا مهرب منها، بالرغم من أنها الأقل سطوة من صفات الذات والأكثر حدوثا وتغييرا واتصالا بأفعال العباد؛ فهي خلق أبدي من الله في الإنسان، ليس فقط خلق القدرة على الكفر والإيمان بل خلق الكفر والإيمان؛ فلا يبقى للعبد أي دور فيما يحدث له من سعادة أو شقاء. فإذا كانت الصفات قديمة فالإسعاد والإشقاء قديمان بقدمهما لارتباطهما بالتكوين، والتكوين صفة ذات. الإسعاد والإشقاء إذن أوضاع كونية كالخلق، في العلم الإلهي وفي الفعل الإلهي وفي الكون وفي الوجود الإنساني، أي في الأسس النظرية الكونية.
33
والسعادة والشقاء ليسا في الإيمان والكفر وحدهما بل في العمل الصالح أو الطالح؛ فالإيمان أو الكفر يمثلان النظر وحده دون العمل. والعمل الصالح أكثر اتساعا وامتدادا وانتشارا من العمل الشعائري الذي يعبر عن التقوى الباطنية أو الحياة الأخلاقية الضامرة. والإيمان والعمل اختياران وإن كانا ضمن العلم الإلهي السرمدي الذي يتحقق بتحقق الأفعال.
ومن الإسعاد والإشقاء تنبثق أمور الخذلان والإضلال، والتوفيق والهداية، وكأن العقائد المستقاة من عقيدة القضاء والقدر التي هي لب عقيدة الجبر تتغلغل في أفعال الشعور الداخلية تغلغلها في أفعال الشعور الخارجية، وربما أيضا في أفعال الطبيعة والمجتمع والتاريخ. وهي كلها مجرد إحساسات وعواطف وانفعالات، أي أوهام وتخيلات وتمنيات، ولا شأن لها بصفة التكوين. إنما تقوم على الجهل بالأسباب وبالأوضاع النفسية والاجتماعية للأفراد والجماعات. إن القول بأن الله هو الموفق للإيمان والعمل الصالح أو هو الخاذل للكافر وليس قدرة العبد إنما يعني عند العامة مجرد قانون كوني عام أشمل من سلوك الأفراد، ويعني عند الخاصة مجرد مأثور شعبي يعبر عن الدين الشعبي، ولا ينفي في الواقع حقيقة اختيار الإنسان.
34
ويتم ذلك عن طريق صدق الوعد وليس عن طريق الحق المكتسب، وحتى يكون الوعد صادقا في حياة البشر. إن الوعود تخلف، وصدق الوعد الإلهي قلب لخلف الوعد البشري وتعويض عنه. (1-3) حجج الجبر
ما أكثر الحجج النقلية التي يمكن لأي مذهب أو عقيدة أن يجدها تأييدا له وتأسيسا لنفسه عليها. وكلها ظنية نظرا لارتباطها بأسباب النزول وبالناسخ والمنسوخ وبقواعد اللغة وبأصول التفسير على ما هو معروف في نظرية العلم. والغالب عليها روايات أسطورية يتضح فيها الخيال الشعبي مع أن غاية الحديث عملية صرفة في بيان المجمل أو تفصيل أوجه السلوك. كما أن حجة الإجماع أو الصحابة أو السلف أو الصوفية إنما هي حجة سلطة، سلطة الجماعة التي تحظى باحترام وتقدير في الوعي الشعبي. وهي في النهاية حجة سلطة وليست شاهد حس أو دليل عقل أو شهادة وجدان.
35
Halaman tidak diketahui