العهد هو قول لا إله إلا الله. وأقول : الذى يدل على صحة هذا القول وجوه :
الأول : أن قوله : (إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا). نكرة فى طرف الثبوت ، وذلك لا يفيد إلا عهدا واحدا ، فهذه الآية تدل على أن تلك الشفاعة تحصل بسبب عهد واحد ، ثم أجمعنا على أن ما سوى الإيمان فإن الواحد منه ، بل مجموعه لا يفيد تلك الشفاعة البتة ، فوجب أن يكون العهد الواحد الذى يفيد تلك الشفاعة هو الإيمان ، وهو قول : لا إله إلا الله.
والثانى : أن جماعة من المفسرين قالوا فى تفسير قوله تعالى : ( وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم).
هو عهد الايمان ، بدليل أن لفظ العهد مجمل ، فلما أعقبه بقوله : (وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ).
علمنا أن المراد من ذلك العهد هو الإيمان ، وهو قوله لا إله إلا الله ، محمد رسول الله.
والثالث : أن أول ما وقع من العهد قوله تعالى :
( ألست بربكم قالوا بلى ). وذلك فى الحقيقة قول لا إله إلا الله. فكان لفظ العهد محمولا عليه.
والرابع : أنه تعالى قال : (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم ).
فكأن العهد من جانبك عهد الإقرار بالعبودية ، ومن جانب الحق سبحانه وتعالى عهد الكرم والربوبية. فثبت بهذه الوجوه : أن المراد من قوله : (إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا). هو قول لاإله إلا الله.
الخامس : قوله تعالى : (قل أتخذتم عند الله عهدا). أى قلتم لا إله إلا الله.
* * *
Halaman 83