الثالث : أنا بينا أن التوحيد لا يزول بسبب المعصية ، والمعصية تزول بسبب التوحيد ، أيضا التوحيد يبقى مع أهل الجنة ، وسائر الطعات لا تبقى ، ( روى جابر بن عبد الله عن النبى صلى الله عليه وسلم عن جبريل أن الله يقول يوم القيامة .مالى أرى فلان بن فلان فى صفوف أهل النار ؟ فأقول. يارب إنا لم نجد له حسنة. فيقول الله تعالى. إنى سمعته فى الدنيا يقول. يا حنان يا منان ، فأذهب اليه فسله .فيأتيه فيجده فى زاوية من زوايا جهنم. ياحنان يامنان ، فيسأله جبريل عن هذه الكلمة ، فيقول. وهل حنان منان غير الله. قال جبريل. فأخذ بيده من صفوف أهل النار ، فأدخله فى صفوف أهل الجنة (1) الاسم الحادى عشر "كلمة الله العليا" :
قال الله تعالى : (وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا). أعلم أن السبب فى علو هذه الكلمة وجوه :
الأول : وهو أن القلب إذا تجلى فيه نور هذه الكلمة كان ذلك التجلى نور الربوبية ، ونور الربوبية إذا تجلى فى القلب استعقب حصوله قوة وهيبة ربانية ، ولهذا السبب صار المتحققون بهذه الكلمة يستحقرون الأحوال الدنيوية ويستحقرون عظماء الملوك ، ولا يبالون بالقتل ، ولا يقيمون لشئ من طيبات الدنيا وزنا ، وكل ذلك يدل على استعلاء قوة هذه الكلمة.
وانظر إلى استغراق سحرة فرعون لما تجلى لهم نور هذه الكلمة ، كيف لم يلتفتوا إلى قطع الأيدى والأرجل ، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم لما استغرق فى هذا النوع لم يلتفت إلى الملكوت ، كما قال تعالى : (ما زاغ البصر وما طغى).
السبب الثانى : فى كون هذه الكلمة عالية : استعلاؤها فى الدنيا على سائر الأديان ، كما قال تعالى : ( ليظهره على الدين كله ).
الثالث : كونها مستعلية على جميع الذنوب ، فإنها تزيل جميع الذنوب ، وشئ من الذنوب لا يزيل نور هذه الكلمة.
* * *
Halaman 79