الثالث : انها طيبة بمعنى أنها مقبولة ، يقبلها الله تعالى ،وتصعد إليه ، كما قال الله تعالى : (إليه يصعد الكلم الطيب ). قالوا : والسبب فى أن هذه الكلمة تصعد إلى الله تعالى بذاتها : أنها طيبة. وقال عليه السلام : "إن الله طيب لا يقبل إلا طيب".
وتمام التحقيق فيه : أن العقل والروح عشقان على التحلى والمعرفة والمكاشفة على ماسبق تقريرة بالبرهان ، والمعرفة مجزوبة إلى المعروف وإذا تصاعد العرفان إلى المعروف _ والعرف ملازم للعرفان _ إنجذب العارف إلى المعروف ، وصعد إليه. فذلك هو المراد من قوله : (إليه يصعد الكلم الطيب ).
فإن قيل : قال المفسرون : الشجرة الطيبة هى النخلة. فما السبب فى تشبيه كلمة التوحيد بالنخلة ؟
فالجواب عنه من وجوه :
الأول : أن شجرة النخلة لا تنبت فى جميع البلدان ، بل فى بعض دون البعض ، فكذلك كلمة التوحيد لا تجرى على كل لسان ، ومعرفة التوحيد لا تحصل فى كل قلب.
الثانى : أن النخلة أطول الأشجار ، وكذلك كلمة التوحيد أعلى الكلمات.
الثالث : أن الشجرة الطيبة ثابته فى الأرض ، وفروعها فى السماء ، فهكذا أصل الكلمة الطيبة ثابت فى القلب ، وهو المعرفة ، وفروعها ثابت فى السماء (إليه يصعد الكلم الطيب ).
الرابع : أن النخلة تحمل كل سنة مرتين ، فكذلك الإيمان يحمل فى الدنيا مرة فيثاب [ المؤمن ] لأجل إيمانه بأهلية الشهادة والولاية والامانة :
ومرة أخرى فى الآخرة ، وهى الجنة الباقية ، والنعمة الدائمة.
Halaman 73