فانبرى ملكرت، رب الحرب المنتصر وإله البحر ، فقال: سأظل أحمي شواطئها وأرد عنها.
وقال مرقد: أجعل من مرابعها مراقص ومسارح للنعيم، وأعلم أبناءها أصول الفن، فلا يبذهم فيه أحد.
وقالت شيما: أمسح أبدا وجهها بظل من جمال وجهي، فتكون أنعم وأرق بقعة من الأرض.
وقال أنو، إله السماء: أترك لون عيني في سمائها فتظل زرقاء صافية تلمع على آفاقها أبهى النيرات.
وقال أنليل إله الأرض: أخصب أرضها.
ووعدت مينرفا، إلهة الحكمة، أن تجعلها للفكر معقلا وللحكمة مهدا.
واتفقوا جميعا على أن يجود كل بما عنده من خير ومحبة وقوة على لبنان، ليظل، مهما تألبت عليه النوائب، راسخا عزيز الجانب مرموقا، لا يدخله فاتح إلا ويخرج منه ذليلا، ولا يطمع فيه طامع إلا ويخيب، ولا تمتد يد إليه إلا وتحرقها النار. ويظل هو منبعا دائم التدفق للجمال والحب، يوزع منها على الدنيا ويخفف بهما الآلام التي كان يعرف الآلهة أنها ستعصف بالخليقة، ويظل اسمه حربا على البشاعة حيثما عششت في الأرض.
قال بعل: طيبة هذه العهود، ولكن لا بد لنا من أن نترك رصدا في هذا الجبل، ينبئنا بما فيه؛ لنسارع إلى نجدته كلما هددته المخاطر، وأحدقت به الرزايا. وخليق بنا أن نقيمه من شيء لا يظن به ولا يتوجس منه المعتدون، وهذا الأرز القائم على مقربة منا في ظهر الرابية، من ها هنا، حقيق بأن يكون هذا الرصد.
فصفق الآلهة، استحسانا، وامتدت أيديهم إلى جوف الأرض حتى أمسكت بجذور الأرز فباركتها، وانصرف الآلهة بعد ذلك وأطبقت الصخور على باب المغارة المقدسة.
وها أن الأرز يقوم برسالته منذ آلاف السنين، فهو كلما أحدق خطر بلبنان تضطرب أغصانه الخالدة، وتثور وتسمع عزيفا رائعا، فيتسارع الآلهة من أقاصي السماء والأرض، يدفعون البلوى مهما طال أمرها، ويدحرون المغتال مهما عظم شأنه وتفاقم خطره، ويعيدون الطمأنينة إلى الجبل ويوطدون السلام.
Halaman tidak diketahui