يدعيه ويقوله، وكيف يكون الكاذب على الله تعالى صاحب عدل وحق؟ إذ لا ظلم أشد من الكذب على الله تعالى؛ ففي تكذيبه تجويره، وفي التجوير رفع المنة بالنعمة، وذلك: خلف.
ومن العجب أن في التوراة: أن الأسباط من بني إسرائيل كانوا يراجعون القبائل من بني إسماعيل، ويعلمون أن في ذلك الشعب علمًا لدنيًا لم تشتمل التوراة عليه. وورد في التواريخ أن أولاد إسماعيل ﵇ كانوا يسمون آل الله، وأهل الله، وأولاد إسرائيل: آل يعقوب، وآل موسى، وآل هارون. وذلك كسر عظيم.
وقد ورد في التوراة أن الله تعالى جاء من طور سيناء، وظهر بساعير، وعلن بفاران؛ وساعير جبال بيت المقدس؛ التي كانت مظهر عيسى ﵇. وفاران: جبال مكة التي كانت مظهر المصطفى ﷺ.
ولما كانت الأسرار الإلهية، والأنوار الربانية في الوحي، التنزيل، والمناجاة، والتأويل؛ على مراتب ثلاث: مبدأ، ووسط، وكمال؛ والمجيء أشبه بالمبدإ، والظهور أشبه بالوسط، والإعلان أشبه بالكمال؛ عبرت التوراة عن طلوع صبح الشريعة والتنزيل: بالمجيء من طور سينا، وعن طلوع الشمس: بالظهور على ساعير، وعن البلوغ إلى درجة الكمال بالاستواء والإعلان على فاران، وفي هذه الكلمات: إثبات نبوة المسيح ﵇، والمصطفى محمد ﷺ.
وقد قال المسيح في الإنجيل: ما جئت لأبطل التوراة، بل جئت لأكملها؛ قال صاحب التوراة: النفس بالنفس، والعين بالعين، والأنف بالأنف، والأذن بالأذن، والسن بالسن، والجروح قصاص؛ وأنا أقول: "إذا لطمك أخوك على خدك الأيمن فضع له خدك الأيسر".
والشريعة الأخيرة وردت بالأمرين جميعًا: أما القصاص؛ ففي قوله تعالى: ﴿كُتِبَ
2 / 18