إن استنباط معرفة دلالات الأشخاص الفلكية على الأحداث السفلية إنما يستدل عليها من جهة الحركات الطبيعية إذ كانت أقرب إلى الحس من دلالات الأشخاص العلوية لأنها لما كانت الحركات الطبيعية لا تخرج عن ثلاثة أقسام نظر إلى ترتيب نضد أفلاك الكواكب العلوية واختلاف حركاتها الدورية فإذا هي أيضا تنقسم إلى ثلاثة أقسام أحدها الكواكب العلوية المرتبة فوق النير الأعظم والقسم الثاني النير الأعظم والقسم الثالث الكواكب السفلية المرتبة دون النير الأعظم فننسب كل قسم من أقسام الأشخاص العالية إلى كل قسم من أقسام الحركات الطبيعية لشدة مناسبتها لها ولتعاقب تأثيراتها في عالم الكون والفساد
ولما كانت الحركة الأولى من الحركات الطبيعية تتحرك على الوسط والحركة الثانية تتحرك من الوسط والحركة الثالثة تتحرك إلى الوسط نسب القسم الأول من الكوكب العلوية وتأثيرها إلى الحركة الأولى الطبيعية التي هي على الوسط لعلوها وقربها منها وبعدها من الحركة الطبيعية الثالثة التي هي إلى الوسط فصار لها من هذه الجهة الدلالة على الاشياء المتطاولة المدد والأزمان لمناسبتها للحركة الأولى وتراخي سيرها فنسب إلى أبعد الكواكب العلوية من عالم الكون والفساد الذي هو زحل الدلالة على الأمور الابتدائية التي هي كالملل والدول وكلما كان في الأزمان المتطاولة إذ كان كالابتداء لسائر الأشخاص الفلكية في العلو ونسب إلى الكوكب التالي له في النضد الذي هو المشتري الدلالة على النواميس وما شاكلها التي هي الانتهاءات في الكمال لسائر الأمور المتقدمة والابتدائية ونسب إلى الكوكب الثالث منها في النضد الذي هو المريخ الدلالة على الحروب والمغالبات وما شاكلها التي هي كالانحطاط لانتهاءات الأمور وأواخرها لأن أواخر الأمور دالة على انتقاض مراتبها بعد كمالها وفساد نظامها
Halaman 6