92

وقال الإمام القاسم بن محمد عليه السلام ما معناه: إن جميع العلوم الإسلامية مستغنية عن المنطق؛ لأنه في معرفة الحد والبرهان، فأما الحد فهو ضرب من التفسير، ونحن نعتمد على ما ورد في الكتاب والسنة ولغة العرب، ونستعمل ألفاظ العموم التي يراد بها الخصوص كاستعمالنا الألفاظ الخاصة اكتفاء بما يدل على التخصيص من القرائن الحالية والمقالية، ونكتفي في إخراج ما يجب إخراجه من الحد، وإدخال ما يجب إدخاله بما علم من موجبات الإدخال والإخراج.

قال: وبذلك يعرف بطلان اعتبار المنطق في الحدود؛ لأن ما ذكرناه معلوم بالاستقراء، وأما البرهان فهو عندهم أن وسط المقدمتين يستلزم المطلوب وهو قسمان: اقتراني، واستثنائي، وعلوم الإسلام إنما تستمد من أصل عقلي، أو شرعي، أو قياس كذلك، أو استصحاب حال كذلك، أو اجتهاد مطلق إما بالأصل كقضية العقل المبتوتة نحو وجوب شكر المنعم، والنصوص السمعية كقوله تعالى: {أقيموا الصلاة} فلا يحتاج إلى ذلك ضرورة، وإما بالقياس والمعتبر في ثبوته ثبوت الجامع بين الأصل والفرع بدليل أصلي عقلي أو سمعي، فمتى ثبت ذلك استغنى عن المقدمتين وكفى في التعبير عنه بنحو أن يقال: النبيذ حرام كالخمر لمشاركته له في المقتضي للتحريم وهو السكر مثلا، وكذا في العقلي، ومتى لم يثبت لم يصح بهما ولو أمكن تركيبهما؛ لأنه مع تركيبهما يصير القياس من باب الحكم على العام بحكم النوع المختص به، وذلك معلوم البطلان)، ثم قرر ما ذكره بأمثلة تدل على صحته ذكره في الجواب المختار، ونحن نذكر جملة من كلامهم وقواعدهم، ثم نبين الاستغناء عنها وعدم الفائدة فيها، وما تؤدي إليه من المفاسد التي يجب الحذر منها، وقد جعلنا ذلك في القياس ولواحقه؛ لأنه كما قال بعض شراح الشمسية المقصد الأقصى، والمطلب الأعلى من الفن، والكلام فيه يقع في ثلاثة مواضع:

Halaman 92