260

قلت: والأولى أن يقال لا معارضة بين الأحاديث لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد وصف المني بالدفق والفضخ والخذف، وهذه الأوصاف إنما تكون عند الشهوة واللذة غالبا، بل مطلقا، وهي أوصاف تقييدية للمني بمعنى أنه لايكون منيا موجبا للغسل إلا إذا كان بهذه الصفة، وقد صرح بذلك في حديث علي عليه السلام وأصرح منه قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((إذا خذفت الماء فاغتسل من الجنابة ، وإذا لم تكن خاذفا فلا تغتسل)). والخذف يروى بالحاء المهملة والخاء المعجمة بعدها ذال معجمة مفتوحة وهو الرمي.

قال بعض العلماء: وفيه تنبيه على أن ما يخرج لغير شهوة إما لمرض أو بردة لا يوجب الغسل، وفي كلام المقبلي ما يدل على أن الخارج لفتور أو مرض أو أبرده لا يسمى منيا إلا على جهة المشابهة، وهذا يقوي القول بأن الدفق ونحوه خاصة للمني، وإذا ثبت هذا تقرر عدم المعارضة، وأن وجوب الغسل على من وجد البلل ولم يذكر الاحتلام للقطع بوقوع الشهوة حيث قلنا: إنه لا يكون منيا إلا ما صاحبها أوظنها، حيث قلنا: إن الغالب مصاحبتها للمني، والأ حكام مبنية على الغالب، وإطلاق الحديث مبني على الغالب مع أن الرائي قد ينسى ما رآه في نومه كما صرح بذلك الإمام الهادي عليه السلام وقد حمل الإمام محمد بن مطهر قول زيد بن علي عليه السلام في الرجل يجد البلل ولا يذكر الرؤيا إذا كان ماء دافقا اغتسل على اشتراط مقارنة الشهوة، لروايته حديث تقسيم الخارج إلى أمورثلاثة، وفيه: والمني هو الماء الدافق إذا وقع مع الشهوة.

قال: أما اشتراط الشهوة فقد نص عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأما هذه المسألة فإنه عليه السلام بنى على ذلك على أن الإنسان كثير النسيان فربما أنه رأى ونسي والجبلة الإنسانية على ذلك، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج فصلى في أصحابه وهو جنب ثم ذكر فانفتل... الخبر.

Halaman 260