304

Micyar

المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب

Genre-genre

فأجاب الفقيه أبو عبد الله محمد بن محمد بن أبي غالب رحمه الله تعالى بما نصه: الحمد لله اعلم أن إقامة الجمعة في مسجدين في المصر الصغير لا يجوز ولا يختلف المذهب في ذلك. وأما المصر الكبير مثل الموضع بالمغلوب فالمذهب فيه على ثلاثة أقوال, أحدها أنها لا تقام إلا في مسجد واحد. هذا الذي ذهب إليه الإمام مالك, وهو مذهب الشافعي رضي الله عنهما. والثاني أنها تتعدد في المصر الكبير بحسب الحاجة, قاله ابن عبد الحكم من المالكية. والثالث التفصيل, وهو إن كان المصر ذا جانبين أو جوانب وبين الجانبين أو الجوانب نهر أو ما في معناه مما تتكلف المشقة في قطعه, جاز التعدد بحسب ذلك, وإلا لم يجز قاله ابن القصار من المالكية. واختار الشيخ أبو الحسن اللخمي إقامتها في مسجدين أو أكثر إذا كثر الناس وبعد من يصلي خارج من الإمام لأن الصلاة لهم حينئذ لا يأتون بها على حقيقتها المطلوبة من المأمومين من مساوقتهم لإمامهم في أركان الصلاة, فقد يكون الإمام قد رفع رأسه من الركوع وحينئذ يأتي هؤلاء بالكوع لبعدهم, وكذلك في سائر الأركان. هذا تقرير المذهب. وأجاز محمد بن الحسن إقامتها مطلقا وأجازها داوود في سائر المساجد, وليس ذلك في مذهب مالك وأصحابه. والانتقال من مذهب إلى مذهب لمن كان قد عين لنفسه مذهب إمام يتبعه كالحال اليوم, الذي اختاره في ذلك عز الدين بن عبد السلام رحمه الله وشهاب الدين القرافي رحمه الله تعالى وجملة من الأشياخ أن ذلك جائز, وإن انتقل من الأشد إلى الأخف. والمذاهب كلها طرق موصلة إلى الله تعالى, فمن سلك منها طريقا وصل بفضل الله تعالى, هذا الذي اختاره المتأخرون. وحكى سيف الدين الآمدي في كتاب الأحكام في أصول الأحكام في هذه المسألة ثلاثة أقوال: الجواز مطلقا, والمنع مطلقا, والجواز إذا لم يجد لإمامه نصا. وهذا القول الأخير هو المختار عنده.

Halaman 304