299

Micyar

المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب

Genre-genre

[ 233/1] عنهم مسجدهم لصغره وإن كانوا قليلين فإنه يحوز لهم إحداث جامع آخر, فإن ذلك لا يعطيه اللفظ ويأباه المعنى. وذلك بين إن شاء الله لمن تأمله. كيف والمتأخرون عنه والناقلون كلامه كابن بشير وغيره لم يعرجوا على هذا الفهم ولا نقلوا عنه خلافا لغيره. وإذا تبين أن ظاهر المذهب على منع الجامعين في هذه القضية وجب الاقتصار على جامع واحد, وابطال الجمعة من الجامع الآخر كما تقدم. ولا عبرة في مثل هذا بسكوت الحكام عليه ولا إذنهم فيه لو ثبت أن ذلك كان عن إذنهم, لأن الإذن إنما ينفع فيما له أصل في الجواز يعتمد عليه. وقد تبين هذا المعنى على ما فيه من التفصيل الشيخ أبو عبد الله بن عبد السلام في شرحه لكتاب ابن الحاجب عند الكلام على هذه المسألة بما فيه كفاية. وهذا القدر كاف إن شاء الله تعالى فيما يتعلق بهذه المسألة بباب الفتوى, وينبغي مع ذلك أن لا يهمل ما يتعلق بها في باب الفتوى, فيحق على أهل هذه الربض أن يكون رجوعهم إلى جامع واحد عن غبطة وطيب نفس من غير منازعة تكون بينهم ولا منافسة ولا توقف من إحدى الطائفتين أن ترجع إلى الأخرى, بل يكون مقصود الكل طلب الحق حيث كان, والرغبة إلى الله تعالى في الإعانة على ما يقرب إليه ويخلص بين يديه. ومن المعلوم أن من اعظم مقاصد الاجتماع في الصلوات على إمام واحد أن يصير الكل كالشخص الواحد, فتتضافع عليهم الرحمة لاجتماع أنوار قلوبهم وسطوع ضيائها على جميعهم. وقد يكون في الجماعة من يرحم الله الكل بسببه ويغفر للجميع من أجله, فإن لم يتفق حضورهم معه في سائر الصلوات حضروا معه في الأعياد والجماعات. ورعاية هذا مما يحمل على انتظام الكل في جامع واحد مع ما في ذلك من متابعة ما كان عليه السلف رضي الله عنهم من القيام بالجمعة في موضع واحد إلا عند الضرورة القاطعة. وقد علم ما ورد في الشريعة من إجازة صلاة الخوف على ما فيها من مخالفة نظام الصلاة.

Halaman 299