Micyar
المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب
Genre-genre
والفرع الذي نقلتم عن تاج الدين السبكي رأيت في المنتقى للباجي ما يوافقه. وذلك حين تكلم على حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر لا يخلو أن يريد به صلاة العصر أو بعد وقت العصر, فإن أراد الوقت فهذا نهي عن الصلاة بعد وقت العصر إلى غروب الشمس, لأن ما بعد انقضاء وقت العصر إن كان قد صلى
[213/1] العصر منعت النافلة لصلاة العصر, وإن كان لم يصل العصر لزمه تقديم العصر لفوات وقتها, ولم يجز الاشتغال بالنافلة عنها. وفي حديث أبي سعيد النهي عن الصلاة بعد الفراغ من صلاة العصر إلى غروب الشمس, فثبت النهي عن الصلاة بعد أن فعل صلاة العصر لخبر أبي سعيد, وثبت النهي عن الصلاة بعد وقتها إلى غروب الشمس بالحديثين, فلا تنافي بينهما. وإن كان المراد بقوله بعد العصر بعد صلاة العصر ثبت النهي عن جميع ذلك بالخبرين جميعا انتهى. فكلامه كما ترى يقتضي أن النهي عن الصلاة بعد فعل صلاة العصر ثابت من غير تردد, وإنما التردد في الوقت. ومما يقوي أن المراد فعل الصلاة ما خرجه البخاري في باب حج النساء آخر كتاب الحج من قول أبي سعيد في الأربع التي سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم, منها. قوله ولا صلاة بعد صلاتين, بعد العصر حتى تغرب الشمس, وبعد الصبح حتى تطلع الشمس. وإذا كان كذلك فلا فرق بين أن يصليها في أول وقتها المشترك بينهما وبين الظهر والذي اختصت به. وتعليل أصحابنا النهي عن الصلاة بعدها بأنه لو أبيح بعد فعلها لأدى ذلك إلى أن توقع النافلة في وقت الغروب جار في هذا. وأيضا فالأحكام إنما تناط بالمظنة, وهو الوصف الظاهر المنضبط وإن خفيت الحكمة. هذا هو الصحيح عند المحققين. ففعل صلاة العصر مظنة للنهي عن النافلة بعده, وقد وجدت صورة في الجمع فيوجد حكمه.
Halaman 269