بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما١، والتخيير في حالات كثيرة كان يأتي من قبل الله ﷿ ليكون مثالا تعليميا يدركه المسلمون ويعملون به، قال تعالى مخاطبا رسوله:
﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ ٢.
وقد اختار الرسول ﷺ أيسر المطلوب، فكان يقوم أقل من نصف الليل. وخيره بين الإفطار في رمضان إذا كان على سفر مجيز لذلك "وهو موضح في كتب الفقه" وبين عدم الإفطار فاختار الأيسر وأفطر. روي أنه ﷺ رأى في أحد أسفاره زحاما من الناس حول رجل يظلونه من الشمس، فسأل النبي ﷺ: "ما هذا؟ "، فقالوا: صائم. فقال: "ليس من البر الصيام في السفر" ٣ وعن ابن عباس ﵄ قال: خرج رسول الله ﷺ من المدينة إلى مكة، فصام، حتى بلغ عسفان، ثم دعا بماء، فرفعه إلى يديه ليريه الناس، فأفطر حتى قدم مكة، وذلك في رمضان، فكان ابن عباس يقول: "قد صام رسول الله وأفطر، فمن شاء صام، ومن شاء أفطر٤ والروايات على ذلك كثيرة"٥.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ
١ انظر فتح الباري جـ٦ ص٣٧١.
٢ سورة المزمل الآيات ١-٤.
٣ انظر البخاري -كتاب الصوم- باب ٣٥.
٤ انظر البخاري -كتاب الصوم- باب ٣٧.
٥ انظر سيرة بن هشام وسيرة الحلبي والبخاري ومسلم.