فوجود الإخلاص فيها ضروري، ويجب أن يتحلى به صاحب الدعوة إلى الله، وذلك للفوز بالجنة، ولا يمكن ذلك إلا إذا وافق العمل بالدعوة إخلاص النية لوجه الله وحده، قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ (^١)، وقال الإمام ابن القيم ﵀: "الإخلاص هو إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة، وهو تصفية الفعل من ملاحظة المخلوقين" (^٢). وإذا غاب الإخلاص حل محله الهوى، فأصبح الداعية عبدًا لهواه مسيرًا به حتى وإن كان يعتقد أنه يدعو إلى الحق، فيصبح داعية ضلال لا داعية هدى، قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ﴾ (^٣). ومن هذا كانت دعوة الصحابة ﵃ خالصة لوجه الله تعالى، ولا يريدون منها إلا رضاه سبحانه دون غيره، فها هو عروة بن مسعود ﵁ يستأذن رسول الله ﷺ أن يرجع إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام إلا أن الرسول ﷺ يخبره أنهم قاتلوه فيصر ﵁ أن يبلغ قومه الدعوة فيأذن له رسول الله ﷺ فيدعوهم ويرميه أحدهم بسهم فيصيبه في أكحله، فيتجهز قومه لقتال من قتلوه فيقول ﵁: "لا تقتتلوا فيَّ فإني قد تصدقت بدمي على صاحبه ليصلح بذلك بينكم، فهي كرامة أكرمني الله بها وشهادة ساقها الله إليَّ" (^٤).