فهذا عمرو بن مرة الجهني يأتي إلى رسول الله ﷺ قبل أن يسلم ويخبره برؤيا رآها وهو نائم فيقول له رسول الله ﷺ: (يا عمرو بن مرة، إني المرسل إلى العباد كافة أدعوهم إلى الإسلام، وآمرهم بحقن الدماء، وصلة الأرحام، وعبادة الله، ورفض الأصنام، وحج البيت، وصيام شهر من اثني عشر شهرًا وهو شهر رمضان، فمن أجاب فله الجنة، ومن عصى فله النار، فآمن يا عمرو بن مرة يؤمنك الله من نار جهنم (، فقال عمرو: "أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله"، ثم طلب من الرسول ﷺ أن يبعثه إلى قومه يدعوهم فأذن له الرسول ﷺ، فأتى قومه ثم دعاهم بما علمه الرسول ﷺ من الهدى، فقال لهم نفس قول الرسول ﷺ له، فجعل كلام رسول الله ضابطًا له وحافظًا لدعوته من التغيير والتحريف، فكانت هي المرجع الذي استقى منها دعوته.
وهذا ضمام بن ثعلبة ﵁ يدعو قومه بما تعلمه من رسول الله ﷺ من أمور الدين وذلك في حديث ابن عباس ﵄ الذي قال فيه: "فما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة" (^١)، وقد أسلم قومه جميعًا عن بكرة أبيهم.
وإذا كانت المرجعية هي الجهة التي يسلِّم بحكمها المتحاورون عند الاختلاف والنزاع (^٢)، فإن الصحابة ﵃ كانوا يحتكمون في أمور الدعوة إلى رسول الله ﷺ في حياته وإلى سنته بعد مماته، ففي قصة مسلم بن الحارث التميمي عندما