294

Memoirs of a Witness to the Century

مذكرات شاهد للقرن

Editor

(إشراف ندوة مالك بن نبي)

Penerbit

دار الفكر

Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

١٤٠٤هـ - ١٩٨٤م

Lokasi Penerbit

دمشق - سورية

Genre-genre

يريد ابتلاع كل العلم وكل التكنية، وأصبحتا فعلًا أعلم حتى عن حياة النحل ومعالجة بيوتها وعسلها الشيء الذي لا يتصوره فلاح جزائري.
بينما كانت دروسي النظرية تسير من ناحيتها السير الحسن خاصة الرياضيات، والجدير بالذكر- لمن تهمه الملاحظة البيداغوجية- أنني على الرغم من حرصي على التحصيل في الرياضيات وتعلقي بها، لم أكن أرى فيها كثيرًا من الجدوى في الجانب التطبيقي، إلى أن وزع على القسم مشروع آلة ضغط بوصفه موضوع امتحان جزئي، فكان لزامًا أن أستعمل الجهاز الرياضي لحل مشكلات الجهاز الميكانيكي، فأدركت منذ ذلك اليوم أن المعادلات هي مفتاح التطبيق، وأننا لا نقدر علمًا حق قدره ما دمنا لا نعلمه إلا في صورته النظرية.
كان (مرسولين) وبعض أصدقائي من جمهورية (تريفيز)، يزورونني من حين لآخر عشية الأحد، فكانت زوجي تقدم لهم بعض الحلويات من صنعها مع الشاي.
وبقي (حموده بن الساعي) وفيًا لعشائنا يوم الجمعة، وكان يستعذب مثل تلك الأكلة التي تقدمها لنا (خديجة) من عدس ولسان الضأن إشفاقًا على كيسها المتواضع.
ثم تبتدئ محاوراتنا الإسلامية في ضوء الأطروحة التي كان يهيئها عن الغزالي، وكانت أفكار (زكي مبارك) في الموضوع تتردد بيننا، تغرينا بجدتها وحدتها ضد النزعات الصوفية، فنشاطر هجوم صاحبها على (حملة الراية الطروقية)، فتزداد حملة صديقي على الغزالي عنفًا ويكفهر وجهه ويصرخ:
- إن معالجة المسلمين بهذه الطريقة تخدير لضميرهم أدى إلى ما أدى إليه؛ وبينما تواصل الهرة (لويزة) أحلامها على ركبتي مولاتها المنكبة على نسيج الإبرة كان كل واحد من أصدقائي يضيف بعدًا لكياني الفكري، أناقش مع (حمودة)

1 / 299