252

Memoirs of a Witness to the Century

مذكرات شاهد للقرن

Editor

(إشراف ندوة مالك بن نبي)

Penerbit

دار الفكر

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

١٤٠٤هـ - ١٩٨٤م

Lokasi Penerbit

دمشق - سورية

Genre-genre

بينهم بعض وجوه الجزائر من الأسر القليلة التي انضمت تحت لواء الإصلاح، في الوقت الذي كان فيه يعرِّض نفسه لسخط الإدارة، خصوصًا إذا تبرع المتبرع بماله لـ (مدرسة البنين) التي كان يديرها الشاعر الجزائري الكبير الشيخ (حُمَّ العيد)، وكان الأبناء يؤمونها كل يوم، بينما يؤم آباؤهم كل مساء حلقة الشيخ (العقبي).
هذا هو الوجه الجديد الذي وجدته لمدينة الجزائر ذلك الصيف من سنة ١٩٣٢، ولم يكن لي أن أبقى فيها إلا ريثما أنتهي من مصالحي بشأن زوجي وقد وجدت فعلًا لها- بفضل الشيخ الطيب العقبي- مكانًا لائقًا في أسرة كريمة بضاحية القبة، أما بشأن المحاضرة التي سيلقيها صديقي (حموده بن الساعي)، بمناسبة انعقاد مؤتمر الطلبة المغاربة بمدينة تلمسان، فكان علي أن أهيئ جوها.
ثم سلكت الطريق إلى تبسة، فاتفق أن رجلًا فرنسيًا كان يوم سفري بمحطة القطار في توديع أسرة من أقاربه تأخذ القطار نفسه، فأوصاني بها بسبب صعوبات تواجه المسافر على هذا الخط عندما يجب عليه أن يغير القطار في قرية (وادي رحمون)، ليمتطي القطار الذي يتجه إلى تبسة، حدثت فعلًا هذه الصعوبات عند وصولنا إلى (وادي رحمون)، بعدما نقلتُ متاعي ورجعت لنقل متاع الأسرة، تحرك القطار الذي غيرنا إليه، فلو قصدت العربة التي فيها السيدات الموصى بهن لفاتني، فامتطيت أول عربة كانت تجاهي في آخره، ولم يكن حَلّ غير هذا حتى لو كنت قردًا مرَّنه سيرك.
ولكن عندما وصلت إلى السيدات بمتاعهن، تفضلت الصغيرة فقالت لأمها:
- إنه لذكي، دون أن توجه لي أي شكر.
لا شك أنها وجدت القرد ذكيًا، فشكرتها أنا لشهادتها بذكائي، ولكن شعرت حالًا أنني عدت إلى جو الاعتبارات الخاصة الذي فارقته مند سنتين.

1 / 257