211

Mazdakism: The Origin of Socialism

المزدكية هي أصل الاشتراكية

Penerbit

دار الكتاب

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٣٩٤ هـ - ١٩٧٤ م

Lokasi Penerbit

الدار البيضاء

Genre-genre

بين عينيه وبكى، ثم ذهب به إلى أبي بكر وكان جالسا في إحدى نواحي المسجد وأجلسه بينهما وعرفه به ثم قال: - عمر - الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني في أمة محمد ﷺ من فعل به ما فعل بإبراهيم خليل الله ﷺ (١).
هذه هي تربية الإسلام القويمة، وقد رأيناها كيف أعطت للإنسان كرامته وأحلته المحل الذي يستحقه في هذه الحياة، لا ألوهية - عبادة - ولا ربوبية - خلق وتكوين - إلا لله الواحد القهار، والبشر كلهم سواء، حاكمهم واحد منهم، بيد أنه أعظمهم مسؤولية، وأثقلهم حملا بل أحمالا، وكم نتمنى لحكام المسلمين أن يتأسوا بأسلافهم العظماء، وأن يترفعوا عن الغرور وتقليد الأعاجم، فيتأسون بهم في أخلاقهم الإسلامية العالية، وفي شعورهم بمسؤولياتهم الثقيلة، حتى لا يغلقوا أبوابهم الحديدية دون ذوي الحاجات والضعفاء منهم، وعند ذلك يأمنون غوائل - الاغتيال - التي يأباها الإسلام وي! هي عنها، ولا يقبلها كيفما كانت الدوافع إلى ذلك، لأنها تؤدي بالمسلمين إلى التفكك والضعف والعداوة وغير ذلك مثلما حدث في الماضي.
هذا وقد أخذ الشاعر الكبير: أبو العلاء المعري من تحية أبي مسلم الخولاني لمعاوية بن أبي سفيان ﵄، ذلك المغزى الدقيق في التحية التي لقبه فيها بـ - الأجير - أجير الأمة المحمدية - فنظمها في قطعة شعرية، ولا ينكر هذا المعنى إلا المغرور بنفسه، لأن الواقع أن كل من يعمل عملا في هيئة - ما - أو دولة كذلك، ولو كان هو الملك نفسه أو الرئيس ذاته - مثلا - فهو أجير، لأنه يأخذ أجرة عمله - رئاسة، أو ملك - من خزينة الدولة التي هي للأمة في الحقيقة، فلماذا يأنف إذا لقب بالأجير؟
لعله قد وجد من بين بعض السادة الملوك أو الرؤساء من يتوهم أن الموظفين في أجهزة الدولة التي يتولى رئاستها هم أجراء عنده، وفعلا فقد وجد هذا

(١) القصة مبسوطة في كتب السير والتراجم مثل - الاستيعاب لابن عبد البر، والإصابة لابن حجر، وأسد الغابة لابن الأثير، والحلية لأبى نعيم وغيرها.

1 / 225