Mazdakism: The Origin of Socialism
المزدكية هي أصل الاشتراكية
Penerbit
دار الكتاب
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٣٩٤ هـ - ١٩٧٤ م
Lokasi Penerbit
الدار البيضاء
Genre-genre
إن أبا ذر ﵁ معروف بفكرته تلك، وأول من عرفه رسول الله ﷺ، ذلك أن أبا ذر طلب ذات يوم من رسول الله ﷺ أن يستعمله على بعض الولايات، فكان جواب الرسول الكريم الحكيم الرحيم بأمته ﵊ لصاحبه الذي طلب منه أن يوليه عملا من الأعمال، كان جوابه ما عرفه فيه من أنه لا يصلح للولاية، لا لتهمة وجهت إليه، ولا لخيانة ربما تصدر منه، ولا لجهل بالأعمال والأحكام، ولا، ولا، فالجواب ما ذكره أبو ذر نفسه كما جاء في صحيح مسلم (عن أبي ذر ﵁ قال: قلت: يا رسول الله ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي ثم قال: يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها - الولاية - أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها) (١).
فالولاية وهي الحكم بين الناس ورعاية مصالحهم، تتطلب من الوالي أن يكون حازما شجاعا يقظا لكل ما يطرأ عارفا بسياسة الحكم يداري الناس في سبيل المصلحة العامة الخ، فالرسول صلى الله عيه وسلم عرف أن صاحبه أبا ذر لا يصلح للولاية والحكم، ولهذا قال له ما قال - شفقة عليه من تبعات الولاية - ولم يعطه أية ولاية لضعفه عنها، ولا يسمى هذا نقصا أو تنقيصا في مرتبة أبي ذر، فالرسول ﷺ قال:
«اعملوا فكل ميسر لما خلق له» (٢)، وأيضا فقد كان الرسول ﷺ لا يعطي الولاية من يطلبها أو يحرص عليها.
ونذكر هنا قول الرسول ﵊ في أبي ذر ﵁: «رحم الله أبا ذر يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده» (٣) قال فيه هذا عندما خرج الرسول ﵊ في جيشه قاصدا تبوك، وخلف أبا ذر بعيره الهزيل الذي لم يستطع مسايرة الجيش، فتخلف عنه، ولما تفقده الرسول لم يجده فسأل عنه، وبينما الناس ينظرون إلى الطريق رأوا رجلا راجلا قادما إليهم من بعيد، فقالوا: يا رسول الله هذا رجل
_________
(١) صحيح مسلم وطبقات ابن سعد الكبرى.
(٢) الطبراني عن ابن عباس وغيره.
(٣) ج ٢ من سيرة ابن هشام عند الكلام على غزوة تبوك ص ٥٢٤ من القسم الثاني طبع مطبعة مصطفى الحلبي.
1 / 110