ويعظم له أجرًا، ومن يتق الله فقد فاز فوزًا عظيمًا، وإن تقوى الله تَوَقِّي (١) مقته، وتَوَقِّي عقوبته وسخطه، وإن تقوى الله تبيض الوجه، وترضي الرب، وترفع الدرجة، فخذوا بحظكم ولا تفرطوا في جنب الله، فقد علمكم كتابه، ونهج لكم سبيله، ليعلم الذين صدقوا، ويعلم الكاذبين، فأحسنوا كما أحسن الله إليكم، وعادوا أعداءه، وجاهدوا في الله حق جهاده، هو اجتباكم وسماكم المسلمين، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فأكثروا ذكر الله، واعملوا لما بعد الموت، فإنه من يصلح ما بينه وبين الله يكفه الله ما بينه وبين الناس، وذلك بأن الله يقضي على الناس، ولا يقضون عليه، ويملك من الناس، ولا يملكون منه، الله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
كذا ذكر القرطبي هذه الخطبة في (تفسيره) (٢)، وكذا جماعة غيره.
١٤ - وعن [أبي سلمة بن] (٣) عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه أَن من خطبه ﵇:
_________
(١) هكذا ضبط هذه الكلمة والتي بعدها ناسخا نسختي السليمانية، وعليه تكون الجملة بيانًا للمراد من التقوى، وضبط ناشر تفسير القرطبي كلمتي (مقته) و(عقوبته) بالنصب فيكون الفعل: تُوقي، ويكون المراد بيان جزاء التقوى. وكلاهما محتمل.
(٢) في تفسير سورة الجمعة ١٨/ ٩٨ - ٩٩ ناقلًا لها عن أهل السير والتواريخ.
قلت: ولعله يقصد الطبري منهم فقد قال في تاريخه ٢/ ٣٩٤: (حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثني سعيد بن عبد الرحمن الجمحي أنه بلغه عن خطبة رسول الله ﷺ في أول جمعة صلاها بالمدينة في بني سالم بن عوف) وذكر هذه الخطبة، وقال ابن كثير في البداية والنهاية ٣/ ٢٤٤: (هكذا أوردها ابن جرير، وفي السند إرسال).
(٣) ليست في النسخ، والصواب إثباتها كما في كنز العمال ١٦/ ١٢٥، والزهد لهناد ١/ ٢٧٩، ودلائل النبوة للبيهقي ٢/ ٥٢٤ - ٥٢٥، وانظر (الدر المنثور ٣/ ٤٠٨).
1 / 53