الوجه الأول أنه أي هذا التصديق الذي هو قولنا الشيء إما أن يكون أو لا يكون يتوقف على تصور المعدوم الذي هو مفهوم قولنا لا يكون ضرورة توقف التصديق على تصور أطرافه وما يعتبر فيها وأنه لا يتصور أصلا بل تصوره ممتنع قطعا فيمتنع التصديق الموقوف على تصوره أيضا فلا يكون حاصلا فضلا عن أن يكون يقينيا وإنما قلنا إن تصوره ممتنع إذ كل متصور متميز فإن إدراك الشيء ملزوم لامتيازه عن غيره عند المدرك أو هو نفس ذلك الامتياز كما سلف في تحقيق العلم وكل متميز عن غيره ثابت في نفسه لأن المتميز هو الذي ثبت له التميز والتعين الذي هومفهوم ثبوتي وثبوته للشيء فرع ثبوت ذلك الشيء في نفسه فيكون المعدوم ثابتا في نفسه فلا يكون معدوما بل ثابتا موجودا هذا خلف أي محال باطل لا يقال تصور المعدوم يقتضي تميزه في الذهن لا في الخارج وتميزه فيه لا يقتضي إلا ثبوته هناك وأنه أي المعدوم ثابت في الذهن فلا خلف في ذلك إذ المعدوم في الخارج يكون ثابتا موجودا في الذهن وأيضا إن كان المعدوم متصورا فالحكم عليه بأنه غير متصور كما ذكرتم يستدعي تصوره إذ لو لم يكن متصورا أصلا لامتنع عليه هذا الحكم قطعا لأنا نقول في جواب الأول الكلام في المعدوم مطلقا أي المعدوم في الخارج والذهن معا فإن قولنا الشيء إما أن يكون أو لا يكون ترديد بين الوجود المطلق المتناول للوجود الخارجي والذهني وبين ما يقابله ويمتنع أن يكون له أي للمعدوم مطلقا ثبوت بوجه سواء كان في الخارج أو في الذهن لأن الثابت بوجه ما لا يكون معدوما مطلقا ونقول في جواب الثاني الآخر معرضة أي للحجة الدالة على أن المعدوم المطلق غير متصور لأصل تلك الحجة وأنها أي معارضة ما ذكرتم لما ذكرنا تحقق تعارض الحجج القواطع لأنهما قطعيتان وهو أي تعارض الحجج القواطع المركبة من المقدمات البديهية إحدى حججنا القوادح في البديهيات كما سيأتي وقد يجاب بأن تحقق التعارض إنما يلزم إذ يلم دليل الخصم المستدل عن المنع الذي سنذكره في الجواب عنه
الوجه الثاني من تلك الوجوه الأربعة أنه أي قولنا الشيء إما أن يكون أولا يكون يقتضي تميز المعدوم عن الوجود إذ لولا تميزه عنه لما أمكن بالانفصال بينهماا ولو كان المعدوم متميزا لكان له حقيقة وماهية بها يمتاز عن الموجود وكان للعقل سلبها أي سلب تلك الحقيقة ورفعها فإن كل ماله حقيقة يشير العقل إليها يمكنه رفعها وإلا لم يكن لذلك الشيء مقابل فلو لم يكن للعقل رفع حقيقة العدم لم يكن لها مقابل هو الوجود وهذا معنى قوله وإلا أي لم يكن للعقل سلبها انتفى الوجود وإذا كان للعقل سلبها عدم خاص لكونه مضافا إلى حقيقة العدم فقسم من العدم المطلق وهو هذا لعدم الخاص قسيم له لأنه رفعه الذي يقابله هذا خلف لأن قسم الشيء أخص منه وقسيمه مباين له فيستحيل صدقهما على شيء واحد
Halaman 97