وبالعكس أي وترى الكبير صغيرا كالأشياء البعيدة وسببه صغر تلك الزاوية بحسب بعد المرئي فكلما كان أبعد كانت الزاوية أضيق إلى أن تتقارب الخطوط الشعاعية جدا كأن بعضها منطبق على بعض فيرى ذلك المرئي كأنه نقطة وبعد ذلك ينمحي أثره فلا يرى أصلا وترى الواحد كثيرا كالقمر إذا نظرنا إليه مع غمز إحدى العينين وذلك لأن النور البصري يمتد من الدماغ في عصبتين مجوفتين تتلاقيان قبل وصولهما إلى العينين ثم تتباعدان وتتصل كل واحدة منها بواحدة من العينين فالعصبتان إذا كانتا مستقيمتين وقعت الخطوط الشعاعية على المرئي من محاذاة واحدة هي ملتقاهما فيرى واحدا فإذا انحرفتا أو انحرفت إحداهما امتدت تلك الخطوط إلى المرئي من محاذاتين فيرى لذلك اثنين أو نظرنا إلى الماء عند طلوعه وكونه قريبا من الأفق فإنا نراه على التقديرين قمرين أما على التقدير الأول فلما مر وأما على الثاني فلأن الشعاع البصري ينفذ في الهواء إلى قمر السماء وينعكس من سطح الماء إليه أيضا فيرى مرة في السماء بالشعاع وكالأحوال أي الذي يقصد الحول تكلفا فإنه يرى الواحد اثنين بسبب وقوع الانحراف في العصبتين أو في إحديهما وأما الأحول الفطري فقلما يرى الواحد اثنين وذلك لاعتياده بالوقوف على الصواب وبالعكس أي ويرى الكثير واحدا كالرحى إذا أخرج من مركزها إلى محيطها خطوط كثيرة متقاربة في الوضع بألوان مختلفة فإنها إذا دارت سريعة جدا رؤيت تلك الألوان الكثيرة كاللون الواحد الممتزج المؤلف منها والسبب في ذلك أن ما أدركه الحس الظاهر يتأدى أولا إلى الحس المشترك ثم إلى الخيال فإذا أدرك البصر مثلا لونا وانتقل منه بسرعة إلى لون آخر كان أثر اللون الأول باقيا في المشترك عند إدراك اللون الثاني ووصول أثره إليه فيمتزج الأثران هناك فتراهما النفس لامتزاج أثريهما ممتزجين ولا تقدر على تمييز أحدهما عن الآخر وأيضا لما وقع الشعاع البصري على تلك الألوان بأسرها في زمان قليل جدا لم تتمكن النفس من تمييز بعضها عن بعض فلذلك رأتها ممتزجة ونرى المعدوم موجودا كالسراب
Halaman 85