Mawaid
موائد الحيس في فوائد القيس
Penyiasat
مصطفى عليان
Penerbit
وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية الكويت
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٣٥ هـ
Genre-genre
البَابُ الثَّالِثُ
في سَبَبِ اشْتِباهِ كلامِهِ بَعْضِهِ بِبعضٍ
وَلَهُ سَبَبَانِ:
أَحَدُهُما: اتِّحادُ مَوْضوعِ كلَامِهِ، أَعْنِي مَقْصودَهُ في شِعْرِهِ
والثَّانِي: تَفَنُّنهُ في البَيَانِ، وقُدْرَتُهُ على الكَلَامِ
أَمَّا الأَوَّلُ: فَلِأَنَّ مَوْضُوعَ شِعْرِهِ الَّذي يَتَكَلَّمُ فيهِ هو رُكُوبُ الخَيْلِ لِلصَّيْدِ والحَرْبِ، ومُغازَلَةُ النِّساءِ ومُعَاشَرَتُهُنَّ، والافتِخارُ بِشَرَفِهِ ومُلْكِهِ، وجِدِّهِ واجْتِهادِهِ في تَحْصِيْلِهِ وحِفْظِهِ، وَيَتْبَعُ ذلكَ ما يَعْرِضُ لِلْمُنَافِرِ في أَغْرَاضِهِ مِنْ رُكُوبِ المَهَارِي، وقَطْعِ البَرَارِي، ومُعَانَاةِ الأَخْطَارِ، وخَوْضِ السُّيولِ والأَمْطارِ.
وأَما الثَّاني: فلِأَنَّ الرَّجُلَ كان فَصِيْحًا بَلِيْغًَا، تَأْبَى لَهُ بَلَاغَتُهُ أَنْ تكون ألفَاظُهُ بِعَيْنِها في كُلِّ قَصِيْدَةِ، بَلْ تَفَنَّنَ في بَلَاغَتِهِ، وتَجَلَّى عَرْضُهُ الواحِدُ في عِدَّةِ قَصَائِدَ، بِأَلْفَاظٍ مُتَغَايِرَةٍ مُتَشَابِهَةٍ، فَبِالوَاجِبِ وَقْعُ المُتَشَابِهِ في كَلَامِهِ، وهذا هو السَّبَبُ في تَشَابُهِ القرآنِ المُشَارِ إليه بقَوْلِهِ ﷿: ﴿الله نزل أحسن الحديث كتبًا متشابهًا﴾ [الزمر: ٢٣]؛ لِأَنَّ مَقَاصِدَ القُرآنِ عَلَى تَقْرِيرِ أُمورِ المَعَاشِ والمَعَادِ والإِيمانِ، والزَّجْرِ والتَّرْهِيْبِ بِقَصَصِ الأُمَمِ الخَالِيَةِ، وذِكْرِ الجَنَّةِ والنَّار وأَهْلِها،
1 / 252