359

Matmah Amal

مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال

Genre-genre

Tasawuf

ومنه دفع اللقطة إلى واصفها لمجرد الوصف عند البعض بدلالة أمره صلى الله عليه وآله وسلم بحفظ عفاصها ووكائها لذلك، وكالحكم بالقافة عند القائل به، ونظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى سيفي ابني عفراء لما ادعى كل منهما قتل أبي جهل وكانا لم يمسحاه من الدم [108أ ] فقال لأحدهما هذا قتله وقضى له بسلبه؛ وهذا من أحسن الأحكام وأحقها بالاتباع حتى عده كثيرون من البينة، وقال: إن البينة اسم لكل ما يتبين الحق به، ومن خصها بالشاهدين أو الأربعة أو الشاهد واليمين لم يوف مسماها حقه، ولم تأت البينة في القرآن قط مرادا بها الشاهد، بل الحجة والدليل والبرهان مفردة ومجموعة، وكذا قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((البينة على المدعي)) المراد عليه بيان ما يصحح دعواه ليحكم له به، والشاهدان من ذلك، ولا ريب أن غيرهما من أنواع البينة قد يكون منها لدلالة الحال على صدق المدعي فإنها أقوى من دلالة إخبار الشاهد، والبينة والدلالة والحجة والبرهان والآية والبصيرة والعلامة والأمارة متقاربة في المعنى، ولم يلغ الشارع القرائن والأمارات في دلالات الأحكام، بل من استقرأ موارد الشرع ومصادره وجده شاهدا لها بالاعتبار مرتبا عليها الأحكام هكذا قيل؛ والصحيح أن ما عدا الشاهدين أو الشاهد واليمين، أو ما يفيد العلم من التواتر أو نحو ذلك من اعتراف من عليه الحق محل نظر للحاكم وليس معدودا من البينة المصطلح عليها، بل من القرائن والأمارات التي تتفرع عنها أحكام خاصة بها. والله أعلم .

Halaman 403