Matmah Amal
مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
Genre-genre
وهاهنا فائدة ينبغي معرفتها وهي: أن القياس مقول بالاشتراك على معنيين: أحدهما: إلحاق أمر لا نص على حكمه بآخر منصوص عليه فيه؛ لاشتراكهما في معنى بطن علة الحكم، وقولنا: بطن احتراز عما يعلم بالنص كونه علة، فإن إلحاق الآخر به ليس قياسا بل تعميما، والثاني قول مؤلف[71ب]من قضايا يلزم عنه قول آخر، والأول مسمى القياس عند أئمة الأصول، والثاني مسماه عند أئمة المعقول، ويسمون الأول تمثيلا، وهذان القياسان متباينان بحيث لا ينتظم التمثيلي اقترابيا، فإنه متى قيل في هذه المسألة أو غيرها: هذا خبيث ضار، وكل خبيث ضار محرم، فإن سلمت كلية الكبرى بطل التمثيل؛ لأن الحرمة قد ثبتت لعموم الخبيث، فلا حاجة إلى التمثيلي؛ لأن شرطه ما سبق من عدم شمول حكم الأصل لحكم الفرع، وإن منعت كلية الكبرى لم ينتظم فيه الاقتراني؛ لأن شرطه كلية الكبرى لما أن ثلثه الأشكال كلها لا تنتج إلا بملاحظة ردها إلى الأول، وكثيرا ما يلتبس أحد القياسين بالآخر؛ لأن الوسط في الاقتراني هو العلة، وقد يتخذ في القياسين في بعض المواد.
واعلم أن مراد السيد أيده الله بقوله: وحرمت الخمر والمسكر وكلما أضر بالعقل بالإجماع العام في الخمر، وهي الشراب المتخذ من عصير العنب إذا اشتدت وغلى ورمى بالزبد؛ للعلم بتحريمه ضرورة، وكفر مستحله، وفسق شاربه، والإجماع الخاص فيما عطف عليه، بخلاف ابن علية، وبشر المريسي وذهابهما إلى أن ما عدا الخمر المجمع عليه حلال، ولقول أبي حنيفة بتحليل ما يتخذ من العسل والذرة والسكر، وبتحليل ما طبخ من عصير العنب حتى ذهب ثلثاه إذا لم يسكر ويقصد به اللهو، وما طبخ من العصير أدنى طبخ، وقول بشر بتحليل العصير إذا نصف وإن أسكر؛ والصحيح التحريم في ذلك كله لدلالته وللإجماع. ثم إن حديث: ((الحياء من الإيمان)) مروي بهذا اللفظ عند أئمتنا ومسلم والترمذي من حديث بن عمر وعند الطبراني من حديث غيره بلفظ ((الحياء هو الدين كله)).
Halaman 296