Matmah Amal
مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
Genre-genre
وأقول: أما تعجب الرضي من جعل يا زيد زيد بدلا وهو تأكيد لفظي، وقد ينافي إلا قليل أنه بدل لا تأكيد، بخلاف رأيت زيدا زيدا فإنه توكيد، وفرق بينهما أن الأول نداء لا مدخل للتسامح فيه؛ لأن المنادي لا ينادي شخصا إلا بعد أن يتسبب بذلك الشخص أمر يدعو المنادي ويحثه على أن يناديه، فلا يتساهل في النداء لما في تساهله وتوانيه من قوة مناعته ومبانيه بخلاف الثاني، فإنه إخبار وفيه يجزي التسامح والتجوز، فجاز أن يقع زيد الثاني فيه تأكيدا بأن لا يسامح؛ هذا معنى كلامه، وهو يؤيد ما قاله جار الله، ثم قال الرضي بعد كلام: وقد يفيد بعض الأبدال معنى الشمول، فتجري مجرى التأكيد وذلك قولهم[55ب]: ضرب زيد بطنه وظهره أو يده ورجله، وهو بدل البعض من الكل في الأصل، ثم يستفاد من المعطوف والمعطوف عليه معا معنى كله، فيجوز أن يكون ارتفاعهما على البدل أو على التأكيد، وكذا قولهم: مطرنا سهلنا وجبلنا، ومطرنا زرعنا وضرعنا، ومطر قومك ليلهم ونهارهم؛ هذه الثلاثة في الأصل بدل الاشتمال فجرت مجرى التأكيد؛ لأن المعنى مطرت أماكننا كلها، ومطرت أموالنا كلها، ومطرت أوقاتهم كلها على حذف المضاف من متبوعاتها، فيجوز أن يكون ارتفاعها على التأكيد ويجريها مجرى أجمع، جاز حذف الضمير منها؛ هذا كلام الرضي في التأكيد، ثم قال الرضي في ضمير الفصل بعد أن ذكر تقرير سيبويه والخليل في تعليل تسميته فصلا لفصله الاسم الذي قبله عما بعده، ودلالته على أنما بعده ليس من تامه، بل هو خبره ومآله إلى ما قرره غيرهم من البصريين، ثم قال: وإنما قلنا كان حق المبتدأ أن يكون معرفة؛ لأن الفصل يفيد التأكيد، ولأن معنى زيد هو القائم: زيد نفسه القائم لكنه ليس تأكيدا؛ لأنه يجيء بعد الظاهر، والضمير لا يؤكد به الظاهر، فلا يقال: مررت بزيد هو نفسه، وأيضا تدخل اللام عليه ونحو قوله تعالى: ?إنك لأنت الحليم?[هود:87] ولا يقال إن زيدا لنفسه قائم، وقد يجمع بين النفس والتأكيد بالضمير لاختلاف لفظيهما، فيقال: ضربته هو نفسه، وضربته إياه نفسه فيكون مثل قوله تعالى: ?فسجد الملائكة كلهم أجمعون?[الحجر:30] ولا يقال عند سيبويه ضربته هو هو، ولا ضربته إياه؛ لاجتماع ضميرين بمعنى واحد، وأجازه الخليل مع اختلاف الضمير لفظا، أعني نحو ضربته هو إياه لاختلاف اللفظين، ولم يجوز سيبويه بناء على ذلك ظننته هو إياه القائم، وإن جعلت أولهما فصلا والثاني تأكيدا؛ لأن الفصل كالتأكيد في المعنى كما مر قال: فإن فصلت بين الفصل والتأكيد نحو أظنه[56أ] هو القائم إياه جاز لعدم الاجتماع.
Halaman 257