Matmah Amal
مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
Genre-genre
-وكان يقول لعماله: (لا تأخذوا من أهل الدين والصلاح من الأعشار إلا ما أعطوه على اختيار، فإنهم لا يخلون بالواجب ويكفوننا المهم فيه)، وكان لا يتعرض للزكاة الباطنة، ويمسك مفاتيح بيت المال بيده ويحفظه بنفسه، ولا يثق فيه بأحد، ويفرق على الجند بيده، وكان يضع من خالص ماله في بيت المال ما يكون عوضا عما يتركه الكتاب في أوائل الكتب وبين الصدور من الكاغد في مكاتبه الكبرى، وغرم ما التقطته الدجاج من أرز حمل إليه لمصالح المسلمين، وقيل: صرف الدجاج إلى بيت المال عوضا عن ذلك، وطلب في بعض أسفاره ممطرا له، فقال له الغلام: هو على بغل لبيت المال، فأنكر عليه وقال: (متى عهدتني أحمل ملبوسي على دواب بيت المال) ثم أمر بإخراج الممطر وتوفير كراه على بيت المال من ماله.
وأفتى في (الري) ببقرة أنها لرجل، فلما [39ب] تبين له الخطأ في فتواه اجتهد حتى ظفر بالذي أفتى عليه فغرم له قيمتها، وكان له صديق يتحفه كل سنة من الرمان بعدد معلوم فزاد في بعض السنين فيه، فسأله فقال: زاد الله في زماننا فزدنا في رسمك، ولما أراد الخروج شكى إليه من خصم له، فرد رمانه عليه، وأمر بإزالة سكانته ودفع الأذى عنه. وشكى إليه ابنه الأمير أبو القاسم ضيق ذات يده وقلة ما يصير إليه من بيت المال وسأله الكفاية من بيت المال أو يأذن له الانصراف، فأذن له في الانصراف ولم يزد له شيئا.
فقال له أصحابه: إن أبا القاسم فارس بطل لا يستغنى عنه، فلو أطلق له ما يكفيه.
فقال: إن الله سبحانه أمر بالتسوية بين الأولاد، ولا يمكن الزيادة على ذلك. واضطر وهو (بهوسم) إلى مائتي دينار، وعلم أنها إن لم تحصل أحوج إلى الجلاء عنها؛ فطلبها قرضا من بعض الموسرين، فلم يفعل فأجلي عن (هوسم) ولم يكرهه احتياطا مع تسويغ الشرع له.
Halaman 195