218

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وحده، أما بعد، أهدى سلاما يحكي رقة أخلاق (من تحلى /133/ بأخلاق النبوة)(1)، وطيب أعراق من استولى على أقطار الشرف في العترة الطاهرة بنوة وأبوة، وإكرام يحكي ذكاء نشر الألوة(2)، وصفاء لون المرآة المجلوة، وتحيات مباركات، وصلوات متداركات إلى مقام سيدي حقا، ومالكي صدقا، سيد سادات العترة، ووجه شرفها الواضح التحجيل والغرة، ولسانها بلاغة وبراعة، وعالمها المقدم في شرف تلك الصناعة، فخر الدين، سليل الأئمة الهادين، عبد الله بن أمير المؤمنين، فإن أحق الخلق أن تهدي إليه جليل التهاني، وتنضى براعات البلاغة في وصف ما أوتي من الفضل الرحماني، ومنح من الألطاف الهادية إلى قطع علائق الأماني الباطلة لاجتناء ثمرتي الأمان والأماني، من سمعت أذناه في عالم الذر أذان إبراهيم الخليل، فأناب وأجاب في عالم الكون بالحج لبيت الله الملك الجليل، قد قدح زناد التوفيق نار أشواقه الكامنة، وأثارت رياح الأرياح بواعث أتواقه الباطنة، وقطعت عنه حبائل التسويف لسنة بعد سنة، وأيقضه عن سنة الغفلة عما أوجبه على الفور مع الاستطاعة من لا يأخذه نوم ولا سنة، فانحدر بمروة الوجوب جايبا، واستمر ليؤدي فرضا واجبا.

وهم فألقى بين عينيه همه ... ونكب(3) عن ذكر العواذل جانبا

فأعرض عن الأوطان والإخوان، وتجشم من متاعب الأسفار ما خضع له الجلد من الرجال واستكان، وبذل النفس والنفيس في تحصيل هذا المرام عظيم الشأن، وأنشد لسان حاله (وقد والى بين الوجيف)(4) من ترحاله والوجدان:

فوالله لولا الحج ما اعتضت باللوا ... لواء ولا بالود عن أهله ودا

ولا وجدت أيدي المطايا عشية ... بنا وهي أدنى ما يسير بنا وخدا

Halaman 242