Matalic Tamam
مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
Genre-genre
قلت: بل تصرف في ملك غيره، وتعدى على ما لا يملكه. وبيانه أن العبد ملك الله على الحقيقة، ملك الحر من عباده أن ينتفع بخدمته وخراجه على التأبيد، ولم يملك الذوات لأحد من خلقه. ويدل عليها قوله صلى الله عليه وسلم: إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم" الحديث(¬1)والدلالة فيه من وجوه:
الأول: جعلهم إخواننا، والإخوة تنافي الملك، وإذا أذن في الانتفاع لم يبق وجه من الشبه إلا نفي الملك عن الذوات.
الثاني: قوله صلى الله ليعه وسلم: خولكم، وهو يطلق على العبيد بالمعنى الذي يطلق على غيرهم، فيقال أيضا في حاشية الرجل: خولة، لأنهم يحفظونه ويرعونه ويخدمونه، وكما يقال: خال الراعي يخول خولا، إذا حفظ والراعي: خائل وخولي، وتخولت (70=219/أ) الرجل: تعهدته(¬2). وهذا أولى من جعل اللفظ من قبيل المشترك.
الثالث : قوله صلى الله عليه وسلم: جعلهم الله تحت أيديكم، أي لا يتصرفون إلا عن إذنكم وتحت إيالتكم، وأنفذ فيهم آثار قدرتكم، فصاروا لكم كالآلة التي تجلبون بها لأنفسكم، وتدفعون بها عنها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه :"أنهم إخوانكم فضلكم الله عليهم، فمن لم يلائمكم منهم فبيعوه، ولاتعذبوا خلق الله، إلى غير ذلك.
ووجه الدلالة من جميع ذلك لايخفى، فالحاصل أن السيد لم يملكه الله من العبد إلا ضروبا من الانتفاع على أقدار شرعها الله من الأمور التي لايمنعها الشرع، ولاتخرج عن الطاقة. أما الذات فلم تملك لأحد، فإذا تعدى السيد على ذات العبد بالتمثيل والتشويه لخلقه، فقد تعدى على ما يملكه، فإخراج العبد عنه إلى الحرية كإلزام الجزاء في الصيد ونحوه، من باب الغرامة والتكفير. ان الاغراض حيث عينها الشارع تعينت، فكما جعل جزاء الصيد مثله من النعم، كذلك جعل أرش المثلة ما ملك من منافع العبد وخدمته.
Halaman 263