القرن ومؤرخيه- فى وصف مصر: "وهى اليوم أعظم مدن الإسلام ومجمع العلماء، وموطن الأعلام، ومحط رحال أولى المحابر والأقلام، ومقصد الحاضر والبادى، صانها اللَّه وحماها" (١).
وإن معظم الذين ألفوا الكتب الجامعة للموضوعات المختلفة كانوا من المصريين، أو الشاميين فى عصر الاتحاد (٢).
وجاء فى كتاب القاهرة نقلًا عن الجلوى (٣) حينما زارها فى عهد الناصر محمد ابن قلاوون، وقد أدهشه ما وجد بها من ازدهار، فوصفها: "بأنها أيام أمن وسكون ودعة، فانسحب ذيل العز، وانضرب رواق الأمن، وانسدل ستر العافية فى الملإ والكافة".
وقد وصفها المقريزي بقوله: "رأينا أمراء هذا العصر قد شيدوا الكثير من المساجد والمدارس، وكانت تلك عامرة بخزانات الكتب العامرة، وكان بالمدرسة المحمودية خزانة كتب لا يعرف اليوم بديار مصر ولا بالشام مثلها" (٤).
وجاء فى كتاب القاهرة نقلًا عن ابن خلدون: "انتقلت إلى القاهرة فى أول ذى القعدة سنة ٧٨٤ هـ (١٣٨٢ م) فرأيت حاضرة الدنيا وبستان العالم ومحشر الأمم، ومدرج الدر من البشر، وإيواء الإسلام، وكرسى الملك. . . . الخوانك (٥) والمدارس بآفاقه، وتضئ البدور والكواكب من عليائه، ومن لم يرها لم يعرف عز الإسلام" (٦).
هذه هى صفحات من تاريخ القاهرة، فيها الزاهى، وفيها أيضا الداكن. أحداثها
_________
(١) الأسنوى (المهمات) خـ ص: ٣٠ نسخة دار الكتب ٢٢٤ فقه شافعى.
(٢) عبد الرحمن زكى (القاهرة) ص: ١٢٨.
(٣) هو خالد بن عيسى الجلوى الأندلسى - كان حيّا سنة ٧٤٠ هـ، وقد وصفها فى كتابه "تاج المفرق فى تحلية أهل المشرق". وانظر الأعلام للزركلى ٢/ ٣٣٩، والقاهرة ص: ١٥٣.
(٤) الخطط التوفيقية ٢/ ٤، والقاهرة ص: ١١٧.
(٥) الخوانك أمكنة كانت تخصص للسكنى تلحق بالمسجد بداخله وبخارجه وتعرف بالزوايا، وكل زاوية معينة لطائفة من الفقراء، وأكثرهم - والأعاصم وكان يعين لكل زاوية شيخ وحارس.
(٦) القاهرة ص: ١٨١.
1 / 37