تمهيد
يعتبر القرن الثامن الهجرى (الرابع عشر الميلادى) مرحلة من مراحل النشاط الفكرى التى ظهرت فى الدولة الإسلامية عقب الزحف التترى على بلاد الإسلام، فى القرنين السادس والسابع.
فقد استيقظ العالم الإسلامى بعد غفوة دامت نحوًا من قرن من عمر الزمن بعد هذه الهمجية اللئيمة الغادرة التى قام بها أعداء البشر، وراح يلملم تفاريق شعثه ويستجمع قواه؛ لتدارك ما فاته من تقدم حضارى، وتطور فكرى فى خدمة الإنسانية أجمع.
فإن الأهوال العظيمة التى صحبت هذا المد، وما نجم عنها من إهلاك للبشر وتخريب للديار، وحرق وإغراق للثروة العلمية على يد هؤلاء الهمج، قد نبهت جمهرة العلماء العرب، ودفعتهم دفعًا إلى تراث آبائهم وأجدادهم فعكفوا عليه تحصيلًا وفهما، وتمثلوه علمًا وفنا، ثم فرغوا بعد ذلك إلى أقلامهم يسجلونه على نحو جديد، يدنيه من كل قلب ويحببه إلى كل نفس.
واجتهد علماء أفذاذ أغنوا الحضارة الإنسانية بمآثرهم التى تجسدت آثارًا وتواليف، ولمعت فى آفاق المعارف موسوعات فى الفقه، واللغة، والحديث، والتفسير والتاريخ، والأدب، والجغرافيا، وغيرها. .
ولمعت آنذاك فى سماء الفكر والعلم شخصيات نابغة من أمثال: الذهبى، والنويرى، والصفدى، والأسنوى، وابن السبكى، والمقريزى، وابن خلدون، وغيرهم كثير.
1 / 25