Matalib Uli Nuha
مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى
Penerbit
المكتب الإسلامي
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
١٤١٥هـ - ١٩٩٤م
Genre-genre
Fiqh Hanbali
مُخْتَصًّا بِهِ سُبْحَانَهُ حَسُنَ مَجِيئُهُ مُفْرَدًا، غَيْرَ تَابِعٍ، وَهَذَا لَا يُنَافِي دَلَالَتَهُ عَلَى صِفَةِ الرَّحْمَةِ كَاسْمِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى صِفَةِ الْأُلُوهِيَّةِ، وَلَمْ يَجِئْ قَطُّ تَابِعًا لِغَيْرِهِ، بِخِلَافِ الْعَلِيمِ وَالْقَدِيرِ وَنَحْوِهِ، فَلَا يَجِيءُ مُفْرَدًا بَلْ تَابِعًا. فَتَأَمَّلْ هَذِهِ النُّكْتَةَ الْبَدِيعَةَ يَظْهَرُ لَكَ بِهَا أَنَّ الرَّحْمَنَ اسْمٌ وَصِفَةٌ لَا يُنَافِي أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَجَاءَ اسْتِعْمَالُ الْقُرْآنِ بِالْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا.
وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ: فَالرَّحْمَنُ: دَالٌّ عَلَى الصِّفَةِ الْقَائِمَةِ بِهِ سُبْحَانَهُ، وَالرَّحِيمُ: دَالٌّ عَلَى تَعَلُّقِهَا بِالْمَرْحُومِ، فَكَانَ الْأَوَّلُ لِلْوَصْفِ، وَالثَّانِي لِلْفِعْلِ، فَالْأَوَّلُ: دَالٌّ عَلَى أَنَّ الرَّحْمَنَ صِفَةٌ. وَالثَّانِي: دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ يَرْحَمُ خَلْقَهُ بِرَحْمَتِهِ، فَإِذَا أَرَدْتَ فَهْمَ هَذَا فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٣]
﴿إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ١١٧] وَلَمْ يَجِئْ قَطُّ: رَحْمَنٌ بِهِمْ، فَعُلِمَ أَنَّ رَحْمَنَ: هُوَ الْمَوْصُوفُ بِالرَّحْمَةِ، وَرَحِيمٌ: هُوَ الرَّاحِمُ بِرَحْمَتِهِ. انْتَهَى.
(أَحْمَدُ مَنْ مَنَّ) أَيْ: اللَّهَ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا (بِحَبِيبِهِ أَحْمَدَ) أَيْ: أَصِفُهُ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ؛ إذْ الْحَمْدُ كَمَا فِي " الْفَائِقِ " وَغَيْرِهِ: الْوَصْفُ بِالْجَمِيلِ، وَكُلٌّ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى جَمِيلٌ، وَرِعَايَةُ جَمِيعِهَا أَبْلَغُ فِي التَّعْظِيمِ الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ: أَحْمَدُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ تَدُلُّ عَلَى إيجَادِ الْحَمْدِ الَّذِي هُوَ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ بِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ، لَا الْإِعْلَامُ بِذَلِكَ. وَالْحَبِيبُ: فَعِيلٌ، مِنْ: أَحَبَّهُ فَهُوَ مُحِبٌّ، أَوْ: حَبَّهُ يُحِبُّهُ - بِكَسْرِ الْحَاءِ - فَهُوَ مَحْبُوبٌ. وَالْمُرَادُ بِالْمَحَبَّةِ فِي حَقِّهِ تَعَالَى: غَايَتُهَا مِنْ إرَادَةِ الثَّوَابِ، فَتَكُونُ صِفَةَ ذَاتٍ، أَوْ الْإِثَابَةُ، فَتَكُونُ صِفَةَ فِعْلٍ. وَهِيَ فِي حَقِّنَا طَاعَةُ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَعْظِيمُنَا إيَّاهُ، وَمُوَافَقَتُهُ رَجَاءَ أَنْ يُثِيبَنَا عَلَى امْتِثَالِ أَمْرِهِ، وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ، وَيُنْعِمَ عَلَيْنَا بِنِعْمَتِهِ الَّتِي لَا تُحْصَى. وَأَحْمَدُ: اسْمٌ لِنَبِيِّنَا ﷺ مُشْتَقٌّ مِنْ اسْمِهِ تَعَالَى
1 / 12