كانت أمي لا تزال تشعر بالابتهاج: «تتحدثين كما لو كنت قد أحرقت أحد أبنائي.» «لقد أحرقت فرصهم. أحرقت كل شيء كان هذا المال يستطيع أن يجلبه لهم.» «آخر ما يحتاج إليه أبنائي هو المال. لا يحتاج أي منا ماله.»
قالت بيرل في غلظة: «هذه جريمة.» ورفعت صوتها تجاه المقعد الأمامي قائلة: «لماذا تركتها تفعل ذلك؟»
قالت أمي: «لم يكن هناك، لم يكن أحد معي.»
قال أبي: «هذا مالها يا بيرل.»
قالت بيرل: «مهما كان الأمر، هذه جريمة.»
قال السيد فلورنس: «الجريمة هي ما يستدعي أن تطلب الشرطة لأجله.» وكما هو الحال بالنسبة للأشياء الأخرى التي تفوه بها ذلك اليوم، أفضى قوله هذا إلى خلق حالة من الدهشة والعرفان.
عرفان لم يشعر به الجميع.
صرخت بيرل في المقعد الأمامي قائلة: «لا تتظاهر بأن ذلك ليس أكثر الأشياء التي سمعت بها جنونا. لا تتظاهر بأنك لا تعتقد ذلك! لأن الأمر كذلك، وأنت تعتقد أنه كذلك. تعتقد تماما مثلما أعتقد!» •••
لم يقف أبي في المطبخ يشاهد أمي تضع المال وسط ألسنة اللهب. لم يكن الأمر ليبدو هكذا. لم يكن يعرف بالأمر؛ يبدو الأمر واضحا تماما الآن، إن كنت أتذكر كل شيء، فأبي لم يكن يعرف بالأمر حتى ذلك الوقت من بعد ظهيرة يوم الأحد في سيارة السيد فلورنس الكرايسلر، عندما أخبرت أمي الجميع بالقصة كلها. لماذا إذن أرى المشهد واضحا تماما، مثلما وصفته لبوب ماركس (ولآخرين؛ فلم يكن هو أول من يعرف)؟ أرى أبي واقفا بجوار المائدة في وسط الغرفة - المنضدة التي تحتوي على درج للسكاكين والشوك، والمغطى بمشمع نظيف - وثمة صندوق من المال على المائدة. تضع أمي الأوراق النقدية بحذر في النيران. ترفع غطاء الموقد عن طريق السيخ المسود بيد واحدة. ويبدو والدي، الذي يقف على مقربة منها، كما لو كان لا يمنعها من عمل ذلك فحسب، بل يحميها. منظر مهيب، لكنه لا يتسم بالشطط. يصنع الناس أشياء تبدو بالنسبة لهم طبيعية وضرورية. على الأقل، يصنع أحدهم ما يبدو له طبيعيا وضروريا، ويعتقد الآخر أن أهم شيء على الإطلاق بالنسبة لهذا الشخص هو أن يفعل ما يريد، أن يمضي قدما فيما يفعل. يدركون أن الآخرين ربما لا يعتقدون كذلك. لكنهم لا يأبهون.
كم من الصعب علي أن أصدق أنني اختلقت الأمر برمته. يبدو الأمر أنه الحقيقة، إنه الحقيقة، إنه ما أعتقد أن الأمر كان عليه. لم أتوقف عن الاعتقاد في ذلك، لكنني توقفت عن سرد تلك القصة. لم أرو هذه القصة مرة أخرى قط بعد سردها لبوب ماركس. لا أعتقد ذلك. لم أتوقف عن ذلك لأن القصة، على وجه التحديد، لم تكن صحيحة. توقفت لأنني رأيت أن علي ألا أتوقع أن يراها الآخرون على النحو الذي أراها. كان علي ألا أتوقع منهم أن يستسيغوا أي جزء مما حدث. كيف أستطيع حتى أن أقول إنني أستسيغ الأمر؟ إذا كنت من هذا النوع من الأشخاص الذين يستسيغون مثل هذا، الذين يستطيعون عمل ذلك، فلم أكن لأفعل كل ما فعلت؛ أهرب من المنزل لأعمل في مطعم في البلدة عندما كنت أبلغ من العمر خمسة عشر عاما، وألتحق بمدرسة ليلية لتعلم الكتابة على الآلة الكاتبة ومسك الحسابات، وألتحق بالمكتب العقاري، وأن أصبح أخيرا وكيلا عقاريا معتمدا. لم أكن لأطلق من زوجي. لم يكن أبي ليموت في نزل المقاطعة. كان شعري سيصبح أبيض، كما كان بصورة طبيعية لعدة سنوات، بدلا من لون يطلق عليه نحاسي بلون الشروق. ولم أكن لأغير أيا من هذه الأشياء، حتى إذا كنت أستطيع.
Halaman tidak diketahui