لماذا تتذكر ترودي هذه اللحظة الآن؟ ترى نفسها الشابة تنظر عبر النافذة إلى المرأة العجوز التي تعزف على البيانو؛ الغرفة المعتمة، ذات المدفأة ودعائم السقف الضخمة، والمقاعد الجلدية الوحيدة. صوت قعقعة وتردد وتواصل موسيقى البيانو. تتذكر ترودي ذلك بوضوح جدا، ويبدو كما لو أنها تقف خارج جسدها، الذي كان يتألم آنذاك جراء ملذات الحب المنهكة. وقفت خارج سعادتها في مد من الحزن. وحدث عكس هذا في صباح اليوم الذي رحل دان فيه. حينها وقفت خارج تعاستها في مد ما بدا شيئا مثل الحب على نحو غير معقول. لكن لم يكن الأمر مختلفا حقا عما كان عندما تخرج. ما تلك الأوقات التي تظل عالقة بالذهن، أوقات بارزة في حياة المرء؛ ماذا على المرء أن يفعل بها؟ ليست هذه إشارات مستقبلية تماما. فترات راحة. هل هذا هو كل ما في الأمر؟ •••
تمضي إلى الردهة الأمامية وتتسمع أي ضوضاء صادرة من أعلى. كل شيء هادئ، الجميع تناول دواءه. •••
يرن جرس الهاتف إلى جانب رأسها مباشرة.
تقول روبين: «ألا تزالين هنا؟ ... ألن ترحلي؟» «لا أزال هنا.» «هل أستطيع أن آتي إليك جريا ثم أعود راكبة معك؟ لم أمارس رياضة الجري في وقت مبكر اليوم؛ لأن الجو كان شديد الحرارة.» •••
قذفت الدورق. كان من الممكن أن تقتليني.
نعم. •••
يبدو كلفن، الذي كان ينتظر عند مائدة اللعب، تحت الضوء، مبيضا وشيخا. ثمة فيض من الضوء يبيض شعره البني. ينحني وجهه، منتظرا. يبدو شيخا، منكفئا على نفسه، ملفوفا في غطاء سميك من الحيرة، لا يشعر بوجودها تقريبا.
تقول ترودي: «هل تصلي؟» لم تكن تعلم أنها كانت ستسأله عن ذلك. «أعني، هذا أمر لا يخصني. لكن، هل تصلي من أجل أي شيء محدد؟»
يجيب عليها بنعم، وهو ما يدهشها إلى حد ما. يمتعض وجهه، كما لو كان قد شعر بالحبل الذي هو بحاجة إليه ليطفو إلى السطح.
يقول: «إذا كان لدي من الذكاء ما يمكنني من أن أعرف الأشياء التي يمكن أن أصلي من أجلها، عندئذ لن أكون مضطرا للصلاة من الأساس.»
Halaman tidak diketahui