Say Say .»
سألها شيكيري توتو كوه، أين خبأت الجثة؟ قالت له: كنا كل يوم أنا وأنت وأمي وصديقك إبراهيم خضر أيضا نغوط عليها، صببت خلفها جوالا من الجير المتبقي من العيد الماضي؛ من ثم توقف المرحاض عن إصدار الروائح الأكثر نتانة من الغائط. ذكرها بأنها في حكاية سابقة تحدثت عن نتانة كبده، قالت له: إن ذلك جنجويد آخر بقصة مختلفة.
منذ أن أسر زوجها شيكيري توتو كوه، قررت عبد الرحمن أن تغادر مدينة نيالا وتنضم للمتمردين، لا يهم من هم ولا يهم من قائدهم ولا ما هي أهدافهم الأساسية، يكفي أنهم يحاربون الحكومة والمليشيات التابعة لها، وأنهم متفقون على تحرير دارفور من قائمة القتلة الطويلة، وحماية من تبقى من أهلها من صلف من تحب أن تسميهم الملاعين، ولكن دائما ما تخونها الخبرة في طرائق الخروج والانضمام، هي لا تعرف أيا من الخيوط التي تربطها بالمقاتلين، الذين يقال إن لهم أعينا كثيرة في المدينة، وإنهم يجندون الشباب سرا ويأخذونهم إلى ميادين القتال، تريد أن تتعرف عليهم وتطلب منهم أن يأخذوها معهم، «أستطيع أن أحارب مثل الرجال، بل إنني أكثر شجاعة منهم.» إنها تقاتلت مع الجنجويد شخصا لشخص، بالتحام جسدي مباشر على رمال وادي برلي العظيم، تعرف كيف تقاتل كامرأة بأدوات المرأة، وتعرف كيف تحارب بأدوات الرجال أيضا، حيث إنها أمسكت بقبضة يدها اليمنى بمذاكيره بكل ما تمتلك من قوة وجذبتها نحوها، ولم تطلقه إلا عندما أغمي عليه تماما، ثم خنقته إلى أن أطلق روحه، هل هنالك رجل فعل ما فعلته؟ وهي الآن تمتلك بندقيتين جيم ثري فاعلتين، تمتلك أربعة قنابل يدوية، لا تعرف كيف تستخدمها، ولكنها تحتفظ بها بحرص شديد، وعتاد جنديين كاملين من الذخيرة الحية، ونقودا كثيرة استولت عليها من جيوب الجنجويدين، فقط تبحث الآن عن ميدان المعركة، تريد أن تنضم لرفاق مقاتلين.
كان الخال جمعة ساكن كعادته، يقضي المساء على كرسي أمام باب الحديقة الجنوبي الذي يطل على الوادي مباشرة، بعد أن تتم مراجعة أحوال الخيل مع مساعده الوفي العم جبريل سائس خيله وراعي الحديقة الكبيرة، العم جبريل يظل بالداخل يحتسي مريسته ويستمع للراديو، وأحيانا تتسلل إليه علوية، وهي أرملة يحبها جدا ويقضيان وقتا طيبا في الأنس والإيناس. جلست عبد الرحمن قربه على الرمال، على الرغم من إلحاحه عليها بأن يحضر لها جبريل كرسيا من الداخل، أو تذهب هي وتتناول واحدا، قالت له إنها تريده في أمر مهم. كان الخال جمعة ساكن في الخامسة والخمسين من عمره، رجلا قوي البنية، أشيب، كل شعرة في رأسه ووجهه بيضاء، على الرغم من عزلته إلا أنه مرح جدا عندما يجد من يؤانسه ويطمئن إليه. صب لها كوبا من الشاي من إبريق قربه، طلبت منه أن يعطيها الأمان، وهذا يعني في ثقافة دارفور أن ما يدور بينهما الآن يبقى سرا، وأنهما إذا لم يتفقا على مسألة ما، فإن ذلك لا يضر بعلاقتهما في المستقبل، فأعطاها الأمان. قالت له باللغة المحلية، هي لغة قبيلتها: أحتاج لفرس.
فجأة انتبه بكل حواسه، وضع كوب الشاي جانبا، صمت.
ماذا تفعلين بفرس؟
قالت له وقد التقت عيناهما في لحظة كخطف البرق: أريد أن أذهب إلى ميدان الحرب.
صمت، لزمن لا يدريانه، سألها: أين ميدان الحرب؟
قالت: لا أدري، أريد أن أقاتل الجنجويد والحكومة، أريد أن أنضم للثوار بالجبال.
سألها بلطف: هل تدرين أين هم؟
Halaman tidak diketahui